سنوات طوال والمصلى المدرسي يُعتبر حجر الزاوية في العملية التعليمية، فمن خلاله كان الطلاب يتعلمون روح العمل الجماعي، ومبادئ التسامح، فى المجتمع الطلابى كما كان له دور بارز في معالجة الظواهر السلبية فى المدارس مثل التنمر والمشاكسات التى تحدث بين الطلاب؛ وذلك من خلال نشر ثقافة التفاعل مع الآخرين، لا سيما إذا كانت هناك أنشطة لا منهجية تقام فى هذه المصليات مثل: حفظ القرآن الكريم، والمسابقات والأنشطة اللا صفية. وقد استوعبت المدارس الحكومية فى نماذجها المعمارية القديمة تخصيص مساحة داخلية كبيرة لإقامة الصلاة جماعة، وارتبط الطلاب بهذه المصليات من خلال حصص القرآن الكريم التي كانت تؤدى فيها مما جعلها أكثر جاذبية، وأكثر فاعلية.
إلا أن المباني المدرسية الحالية أصبحت تُعانى من إشكالية كبيرة تتمثَّل فى عدم تخصيص مساحات مناسبة للمصليات المدرسية، بل أصبح التوسع في تلك المباني مخصصًا لمقرات الأنشطة المدرسية والمعامل والمختبرات التي ربما بقيت مغلقة دون أي تجهيزات، وكان كل ذلك التوسع على حساب المصلى المدرسى؛ حيث باتت تؤدى صلاة الظهر أثناء اليوم الدراسي في الممرات أو في فناء المدرسة والصالات الرياضية، أداءً بلا خشوع ولا طمأنينة، مما شكل عبئًا ثقيلًا على إدارات المدارس والمعلمين؛ نظرًا لكثرة أعداد الطلاب وصعوبة ضبط سلوكياتهم في تلك الأماكن غير المهيئة بشكل جيد لأداء الصلاة بل ربما أصبحت تقام الصلاة في المدراس فقط من أجل تنفيذ توجيهات الوزارة وإدارات التعليم التي تُلزم كافة أعضاء الهيئة التعليمية من إداريين ومعلمين وطلاب في جميع المراحل بأداء الصلاة جماعة داخل المدرسة؛ حيث خصصت لها وقتًا يوميًا في جدول الحصص اليومي، وجعلته جزءاً من اليوم الدراسي، وأصدرت لوائح وأنظمة تنص على محاسبة كل من يخالف تلك التعليمات.
وعطفًا على ذي بدء، فإن الاهتمام بإنشاء المصلى المدرسي يعد ركنًا أساسيًا في مسيرة التعليم، فهو مكمل لرسالة المدرسة السامية، بل إنه يعد أحد لبنات العملية التعليمية التي تنعكس إيجابًا على رقي المجتمع وتقدمه؛ حيث يتعلم الطلاب فيه الكثير من أمور دينهم، التي تسهم في حل مشكلاتهم، ويُنَمِّي مهاراتِ الإبداع لديهم، من خلال البرامج، والمسابقات، والأنشطة الثقافية المتنوعة. إذا وظف بطريقة سليمة بعيدة عن الغلو والتطرف أو الأفكار الهدامة بل إنه ينمي فيهم روح العمل الجماعي والمشاركة في النشاط العام، ويربطهم بكتاب ربِّهم قولًا وعملًا، كما يرتقي بفكرهم وثقافتهم، ويحصِّنهم ضد كثير من أمراض المجتمع؛ كالغِيبة، والنميمة، وتقديم النصيحة بالحكمة والموعظة الحسنة.
وختام القول..فإنه يقع على عاتق الجهات المعنية بتصميم مدارسنا والمتمثلة في وكالة شؤون المباني المدرسية وصيانتها أن تدرك أن مصليات المدارس جزء لا يتجزأ من المنهج؛ وخاصة مناهج العلوم الشرعية وذلك لا يتم إلا بتخصيص مساحات واسعة من إجمالي مرافق المدرسة ومبانيها؛ ليتسنى للكادر التعليمي تطويع هذه المصليات المدرسية؛ لتصبح مكانًا للتطبيق العملى، وخدمة العملية التعليمية والقيم الدينية لدى الطلاب وتعويدهم على النظام والتحلي بالقيم والأخلاق، وغرس روح الأخوة والمحبة بينهم.
وخزة قلم:
من يشاهد مساحات الفناء الشاسعة التي تحيط بالمدارس من كل الاتجاهات، يكاد يجزم بأن هناك خللًا ما في استغلال المساحات المخصصة للبناء !