المقالات

جامعة الدول العربية: أسبقية التأسيس وضآلة المُنجَز..

تُعدّ هذه المرحلة الزمنية التي يمرّ بها العالم العربي من أسوأ المراحل في تاريخ العلاقات العربية ـ العربية المتأرجحة منذ إنشاء جامعة الدول العربية في 22 مارس 1945م بعد الحرب العالمية الثانية، والتي سبقت بذلك إنشاء منظمة الأمم المتحدة في 25 أبريل 1945م بشهور، كما حققت السبق بأكثر من عقد من الزمن على السوق الأوروبية المشتركة التي أنشئت في 25 مارس 1957م ثم تطورت فيما بعد لتصبح الاتحاد الأوروبي، بينما استمرت الجامعة العربية في عجزها عن تحقيق أي تقدم أو تطور وحدويّ عربيّ ملموس.

وقد جرى تأسيس ثلاثة تجمعات سياسية داخل الإقليم العربي لتعزيز دور الجامعة العربية وتحقيق الترابط بين دولها، كان أولها مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي أعلن عنه في أبوظبي يوم 25 مايو 1981م ليجمع كلًّا من المملكة العربية السعودية والإمارات، والبحرين وعمان، وقطر والكويت، بهدف تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول لأعضاء في جميع الميادين وصولًا إلى وحدتها، وتوثيق الروابط بين شعوبها.

ولازال هذا المجلس يعمل على تحقيق أهدافه، على الرغم من الأزمة التي مرت بالعلاقات بين دوله مؤخرًا، ولكنها تجاوزتها بفضل الله ثم بحكمة قيادتنا الرشيدة وحكمة قادة دول الخليج الشقيقة.

والتجمع الثاني تمثل في مجلس التعاون العربي الذي أعلن عنه في بغداد يوم 16 فبراير 1989 ليجمع كلًا من العراق والأردن واليمن الشمالي ومصر، إلا أن ذلك المجلس لم يدم إلا لبضعة أشهر فقط، حيث انفرط بمجرد غزو العراق لجارته الكويت سنة 1990م وانحياز الرئيس المصري إلى حق دولة الكويت في استقلالها وسلامة أراضيها.

أما التجمع الثالث فقد تمثل في اتحاد المغرب العربي الذي أعلن عنه في مراكش بتاريخ 17 فبراير 1989م ليجمع الدول التي تمثل الجزء الغربي من العالم العربي وهي: موريتانيا، المغرب، الجزائر، تونس، وليبيا، غير أن مشكلة الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو التي تطالب بالانفصال عن الغرب وتأييد الجزائر لجبهة البوليساريو عرقلت مسيرة هذا الاتحاد إلى اليوم.

وجامعة الدول العربية التي تألفت في بدايتها من سبع دول عربية مستقلة هي: المملكة العربية السعودية ومصر، وسوريا والأردن ولبنان، والعراق واليمن، لم تشفع لها أقدميتها على المنظمات الدولية في الوصول بأعضائها إلى مرحلة متقدمة من الاتحاد بطريقة تقليدية أو مبتكرة توائم بين سيادة الأعضاء ووحدة القرار، فلقد عانت الجامعة ـ التي ألحقت بعضويتها جميع الدول العربية ـ من تذبذب مستوى أدائها وفقًا للعلاقات بين أعضائها، وهي علاقات قد تتوتر، وتصل أحيانًا إلى حدّ تعليق العضوية كما حدث مع مصر في عام 1979م حيث عُلقت عضويتها بعد توقيعها معاهدة سلام مع إسرائيل، وتم نقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس، ثم أعيدت مصر إلى عضوية الجامعة في عام 1989، وأعيد مقر الجامعة إلى القاهرة مرة أخرى، وكذلك الحال تعليق عضوية سوريا في الجامعة اعتبارًا من 16 نوفمبر 2011 حتى الآن.

وبلا شك فقد تأثر عمل الجامعة بالأزمات المتلاحقة التي شهدتها معظم الدول العربية من خلال حراك شعبي موجّه من خارج حدود الوطن العربي على وعد بتحقيق ربيع عربي لم يكن سوى خريف أدّى بمستوى الأمن والاقتصاد والمعيشة في عدد من الدول إلى مستوى متدنٍ جدًا، ونجت الدول التي تمكنت من تدارك وضعها واللحاق بالسلامة.

ولا زالت الأيدي الأجنبية الخبيثة تتدخل في الشأن العربي، وتعمل على زرع الفتن لتوت، العلاقات العربية ـ العربية، وتحريك بؤر الأزمات التي أحدثتها في اليمن وسوريا وليبيا والسودان، بينما تتعافى تونس حاليًا من أزمتها.

ويبقى القرار العربي الموحد في حاجة ماسة لمراجعة العلاقات العربية ـ العربية وتنقية أجوائها من الشوائب التي لحقت بها خلال العقد الأخير، وإحياء دور الجامعة العربية للوصول إلى التوافق المنشود الذي يعزز وحدة الصف، ويقوي شوكة الأمة في وجه أعدائها.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button