الأطماع الإيرانية في التمدد على حساب جيرانها من مختلف القوميات ليست وليدة اللحظة، ولكنّها ورثتها من الإمبراطورية الفارسية التي دخلت عبر تاريخها في حروب شتى مع مختلف جيرانها، وكان لها قبل الإسلام قدَمٌ في عُمان بترها البطل العربي مالك بن فهم الدوسي مؤسس مملكة تنوخ في معركة “سلوت” الشهيرة التي أنهت حينها الوجود الفارسي في جزيرة العرب، إلى أن استعان الشريف اليمني سيف بن ذي يزن بالفرس؛ لإخراج الأحباش من اليمن في عام 750م أي قبل بعثة المصطفى – صلى الله عليه وسلّم- بحوالي أربعين سنة، ودانت اليمن للفرس، وكان حاكمها في صدر الدعوة الإسلامية باذان بن ساسان، وهو آخر حاكم فارسي في اليمن في عهد كسرى الثاني، وقد أسلم هو ومن معه.
وقد أخزى الله الفرس مرةً أخرى في يوم من أيام العرب الخالدة ـ يوم ذي قار ـ الذي حدث في بداية القرن السابع الميلادي تقريبًا بعد أن أقدم كسرى أبرويز على قتل ملك الحيرة النعمان بن المنذر، وقامت على إثر ذلك معركة حامية في ذي قار هزمهم فيها العرب شرّ هزيمة.
ولم تتوقف الأطماع الفارسية مع سقوط الإمبراطورية الساسانية الفارسية في عهد يزدجرد الثالث على أيدي الفاتحين العرب، وضمّها للخلافة الإسلامية في عهد أمير المؤمنين الخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ، ولم يتخلّ المجوس يومًا عن حقدهم على العرب الذين حطموا عرش كسرى، واستمر تاريخهم ملطخًا بالغدر والخسة والمؤامرات للإطاحة بالخلافة الإسلامية منذ أبي مسلم الخراساني ثم فرقة الخرمية الفارسية، مرورًا بالبرامكة، ثم ابن العلقمي وزير الخليفة العباسي المستعصم الذي اتفق مع هولاكو على قتل الخليفة واحتلال بغداد.
وبعد أن وصل الصفويّون إلى حكم بلاد فارس أضافوا إلى تاريخهم الأسود شتى أنواع البدع والخرافات، وسبّ الصحابة وقذف أمهات المؤمنين ـ رضوان الله عليهم ـ وقتل وتهجير كل من عارض خرافاتهم خلال تحويل عقيدة الإيرانيين قسريًّا إلى المذهب الشيعي الاثني عشري ابتداءً من القرن السادس عشر بعد أن كانت أغلبيتهم سنيّة، كما عمدوا إلى قتل العرب وإذلالهم في العراق، واتفقوا مع المستعمر البرتغالي على احتلال الخليج العربي، ومحاربة الإمارات السنية على سواحل الخليج.
وشجعوا البرتغاليين كذلك على احتلال مدينة جدة؛ ليتمكنوا من الوصول إلى المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولكنّ الله أخزاهم ولم يتمكنوا من تحقيق هدفهم.
ومع انتقال الحكم بين الأسر في إيران لم يتغير حقدهم الدفين على العرب، وكانت أسرة بهلوي هي الأسرة الإمبراطورية الأخيرة، وفي عهدها تم احتلال الجزر الإماراتية كما طالبت أيضًا بالبحرين، واعتبار كل الجزر داخل الخليج تابعة لها.
وبعد وصول الخميني وزمرته إلى السلطة ازداد العداء الفارسي للعرب، وكان ولازال من أدبيات حكمهم تصدير ثورتهم إلى دول الجوار، ولذلك أحدثوا شغبًا غير مسبوق لإرهاب ضيوف الرحمن في موسم الحج عام ١٤٠٧هـ محاولين تسييس الحجّ ورفع شعاراتهم في شعيرة دينية تمثل ركنًا من أركان الإسلام مما دعا حكومتنا الرشيدة للضرب بيد من حديد؛ لإيقاف عبثهم وحفظ أمن البلد الحرام، وتمكين ضيوف الرحمن من أداء نسكهم في أمن وطمأنينة، وتمّ قطع العلاقات حينها مع إيران نتيجة لذلك العمل المُشين، وما نتج عنه من اعتداء الغوغاء المدعومين من الحرس الثوري الإيراني على سفارة المملكة في طهران، وعلى الرغم من عودة العلاقات بين البلدين عام ١٤١١ هـ إلا أنهم أعادوا الكرة في حجّ عام ١٤٣٦هـ عندما جعلوا حملة الحجّ الإيرانية تسير في شارع معاكس لحركة السير أثناء تفويج الحجّاج لرمي الجمرات في مشعر منى؛ ونتيجة لذلك حدث تدافع بين الحجاج أدّى إلى وفيّات وإصابات بين الحجاج.
وفي إطار أدبياتهم الثورية للسيطرة على المنطقة جرت حربهم مع العراق قبل الإطاحة بصدام حسين، ثم تمكنوا من السيطرة على القرار العراقي بعد صدام، وعملوا على إنشاء ودعم الأحزاب الطائفية التي تدعوا إلى هيمنة المذهب الاثني عشري الشيعي في العراق ولبنان وسوريا واليمن، وما نتج عن ذلك من قتل وتشريد للبشر، وتدمير للمنشآت والبنية التحتية في تلك الدول.
وتعمل حكومة ذوي العمائم والقلوب السوداء على إنتاج الصواريخ الباليستية البعيدة المدى والطائرات المسيرة وتحميلها بالمفخخات، وتزويد قطعان عملائها في الأحزاب الإرهابية بها، كما تجتهد في تحديها للقوانين والأعراف الدولية في سبيل الحصول على تقنية وتصنيع الأسلحة النووية على الرغم من الحظر الدولي المفروض عليها.
وتقف إيران حاليًا في مأزق بين مطرقة الأعمال الإرهابية والأطماع غير المنطقية التي ورثها المعممون الإيرانيون من الصفويين عن من سبقهم من مجوس الفرس عبر تاريخهم، وبين سندان الدول الحرة وفي طليعتها المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول الإقليمية والعالمية التي تقف بشدة في وجه هذه العربدة والتطرف الإرهابي الذي تنتهجه الحكومة الإيرانية.