يعدُّ نظام الإثبات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/٤٣) وتاريخ رقم ٢٦/٠٥/١٤٤٣ هـ نقلة نوعية في تاريخ الأنظمة السعودية الذي سيتوج -بإذن الله- بعدد من الأنظمة الأخرى منها نظام المعاملات المدنية ونظام الأحوال الشخصية، والمُطلع على نصوص النظام يلحظ أن النظام قد جاء خليطًا بين القواعد الإجرائية والقواعد الموضوعية للإثبات؛ والمقصود بالقواعد الموضوعية في مجال الإثبات هي التي توضح التعريف النظامي للوسيلة التي يتم بها الإثبات كالشهادة واليمين والإقرار أمام القضاء؛ أما القواعد الإجرائية فهي التي تُحدد الإجراءات النظامية التي تُسمع بها وسيلة الإثبات أمام القضاء.
حيث احتوى النظام بين نصوصه على العديد من النصوص التي توضح هذه القواعد الموضوعية؛ ومنها ما نصّت عليها المادة الخامسة والعشرون فقرة (١) والتي عًرفت المحرر الرسمي بأنه: ” ١- المحرر الرسمي هو الذي يثبت فيه موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة؛ ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوى الشأن؛ طبقًا للأوضاع النظامية؛ وفي حدود سلطته واختصاصه “وهذا النص النظامي حوى قاعدة موضوعية عرفت المقصود نظامًا بالمحرر الرسمي”.
ومن الأمثلة على القاعدة الإجرائية ما نصت عليه المادة (الخامسة والثلاثون) فقرة ( ٣) ونصها: “إذا أنكر الخصم وجود المحرر ولم يقدم الطالب للمحكمة إثباتًا كافيًا لصحة طلبه “فله أن يطلب من المحكمة توجيه اليمين لخصمه فيما يتعلق بهذا المحرر وفقًا للأحكام المقررة في الباب الثامن من هذا النظام …” وهذا النص النظامي وضع قاعدة إجرائية تحكم واقعة إنكار الخصم وجود المحرر …
وخلاصة الأمر؛ أن القاعدة الموضوعية تتناول الواقعة من حيث جوهرها ووسيلة الإثبات عليها؛ أما القانون الإجرائي فيتناول الإجراء الذي يتم من خلال نظر هذه الوسيلة وأحكامها أمام القضاء.
وحسنًا فعل المُنظم بهذا المزج بين القواعد الموضوعية والإجرائية في نظام واحد، بصورة ظهر معها النظام وحدة واحدة تمكن القاضي والمحامي وأطراف الخصومة القضائية والتحكيمية من الإحاطة بكل ما يمكنهم من إثبات دعواهم بصورة مسبقة قبل المثول أمام القضاء.
مشاء الله تبارك الله الله يزيدك علماً وفقهًا ملم بجميع النواحي نتمنى لك مزيد من الازدهار .