عبدالرحمن العامري

بكاء التماسيح؟!

يعود أصل مصطلح “دموع التماسيح” إلى عدة قرون، وقد ظهر هذا المصطلح في وقت مبكر من القرن الرابع؛ حيث وردت الإشارة إلى دموع التماسيح في أدبيات وكتب ذلك القرن باعتبارها استعارة للحزن المزيف. وعلى ما يبدو، فإنّ المصطلح جاء من أسطورة تقول: إن التماسيح تبكي وهي تأكل فريستها؛ لأنها حزينة عليها، ولهذا ارتبط تعبير دموع التماسيح بأي شخص يذرف الدموع، ويتمسكن ويبكي ليظهر وجهًا ودودًا مغايرًا لأفعاله الوحشية، تمامًا.

وقد تبادر إلى ذهني هذا المثل الشهير، وأنا أشاهد ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة خلال الأسبوع الماضي من ردود أفعال لا نعلم مدى مصداقيتها سوى أنها قد تكون بعضًا من تلك الدموع (التمساحية) التي امتلأت بها أعين بعض سكان أحياء جدة العشوائية؛ وخاصة من بعض الجنسيات المقيمة في تلك الأحياء، سواء ممن يقيمون بصورة نظامية أولئك الذين يقيمون بصورة غير نظامية؛ حيث جاءت كل تلك الدراما التراجيدية بعد صدور توجيهات حكومتنا الرشيدة بإزالة كافة الأحياء العشوائية وتصحيح أوضاعها وأوضاع ساكنيها، وما أعقب تلك المشاهد الدرامية من تجمعات لبعض قاطني تلك الأحياء في محاولة يائسة منهم لعرقلة عمليات إخلاء وإزالة تلك الأحياء التي شوهَّت جمال عروس البحر الأحمر رغم ما تمتلكه من مقومات سياحة، وإطلالات بحرية ساحرة؛ حيث ارتبطت معظم تلك المناطق العشوائية بانتشار الجريمة حيث باتت تُمثل مركزًا لتصدير الجريمة بمختلف أنواعها ومكانًا للخارجين على القانون والمتاجرين بالمخدرات ونقطة جذب للكثيرين من أصحاب حالات الفساد الاجتماعي، ومصادر إزعاج للأحياء المجاورة لها.
وإذا ما أمعنا النظر في تلك الأحياء الموحشة شكلًا ومكانًا وإنسانًا، فإننا سندرك أنها باتت تُشكل خطرًا حقيقيًا على أمن وصحة المواطنين بل وحتى الزائرين لعروس البحر الأحمر، خاصة في ظل عدم وجود منافذ لبعض شوارعها، وضيق ممراتها مما شكَّل صعوبة في الوصول إليها لا سيما في الحالات الضرورية كالإسعاف أو الإنقاذ وفي حالات الحريق لا سمح الله أو مطاردة المجرمين، مما حوَّل تلك الأحياء إلى بؤر خطيرة؛ لتفريخ الإجرام والمجرمين لبُعدها عن الأجهزة الأمنية ولصعوبة الوصول إليها. هذا بالإضافة إلى أن موضوع تلك العشوائيات له علاقة وثيقة بالبيئة؛ وذلك بما تخلفه من مظاهر سلبية تؤثر بصورة مباشرة على، الصحة، وتردي البيئة الطبيعية، وقلة المساحات الخضراء، وتشوه المشهد الحضري لعروس البحر الأحمر.

وختام القول.. فإن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين تسعى جاهدةً وبشكل مستمر إلى وضع خطط إصلاحية لكافة الأحياء العشوائية، والعمل على تطوير البنية التحتية بها وإعادة هيكلتها وتنظيمها، حتى يتم ترتيب المدينة بشكل حضاري، يتماشى مع رؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى جعل المملكة العربية السعودية أكثر تطورًا وَنُمُوًّا وتنظيمًا على المستوى العُمراني والتوزيع السكاني والتنوع الاقتصادي.

وخزة قلم:
التماسيح تنصب فَخًّا لفرائسها عن طريق البكاء، ثم تخطف فريستها بفكيها، وتصنع منها وليمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى