أ.د.عبدالرزاق حمود الزهراني

مفسر أحلام…

الرؤيا أثناء النوم موجودة في جميع الشعوب وجميع الثقافات، والثقافة الإسلامية العربية ليست بدعًا في هذا الأمر؛ فقد ورد في القرآن الكريم أن الله علَّم يوسف عليه السلام تفسير الأحلام، وأنه فسَّر حلم الملك حول السنين الخضر والسنين العجاف، وكان هناك علماء متخصصون في تفسير الأحلام، وربما كان ابن سيرين من أشهرهم، وفي حياتنا المعاصرة كثر مفسرو الأحلام، وهناك برامج في القنوات الفضائية تُفسر الأحلام على الهواء مباشرة، ويرى البعض أن كثرة الأحلام تدل على كثرة النوم في حياتنا المعاصرة حتى في ساعات النهار، وأن الإنتاجية متدنية عند الكثير من الناس، ومن المواقف الطريفة التي مرت بي في هذا الشأن أن أخي وزميلي الأستاذ الدكتور إبراهيم بن مبارك الجوير أستاذ علم الاجتماع وعضو مجلس الشورى سابقًا ذكر لي أن والده -رحمه الله- قبل وفاته بعدة سنوات رأى رؤيا أزعجته؛ حيث رأى أنه دخل مسجدًا، وخرج من أحد أبوابه فوجد رجلًا جالسًا على فرشة وأمامه عدد من العملات الفضية، ثم توجه إلى خلف المسجد فوجد رجلًا يرمي ثمار شجرة مثمرة، وفي الجهة الثالثة من المسجد وجد رجلًا جالسًا على فرشة وليس عنده شيء، يقول: والدي أزعجه هذا الحلم، فوجدت صديقًا أعطاني هاتف شخص كنيته (أبو ناصر) يفسر الأحلام، فذكرت له الحلم، فقال: هل بنى والدك مسجدًا؟ فقلت: لا، فأردف: هل ينوي بناء مسجد؟ فقلت: إن شاء الله، إذا تيسَّرت الأمور، فقال: هل أولاد أبيك ثلاثة؟ فقلت: نعم، قال: أحدهم يمارس التجارة وأحواله مستورة، قلت: نعم، قال: والثاني يشتغل بالعلم، قلت: نعم، قال: والثالث: لا عمل عنده ولكن أحواله ميسرة، فقلت نعم، فقال: هذا تفسير الحلم، وكان أحد إخوة الدكتور إبراهيم يُمارس البيع والشراء، وأوضاعه جيدة، أما الثاني صاحب العلم فهو نفسه الدكتور إبراهيم، أم الأخ الثالث فلا عمل لديه ولكن أموره ميسرة بحمد الله، يقول أبو أيمن: أعطيت الوالد مفسر الأحلام أبا ناصر، فشرح له الحلم فارتاح الوالد وأسفر وجهه وظهرت أساريره، فقلت أعطني رقم هاتفه، فحفظته في جوالي تحت اسم (مفسر أحلام)، وبعد أسبوع سافرت إلى ينبع لزيارة ابن أختي المهندس أحمد بن حمود الزهراني أحد مهندسي المياه في ينبع آنذاك، فأقام لنا وليمة، وحضر شاب يقول: إنه رأى رؤيا ويريد تفسيرها، فبحثت في هاتفي وظهر (أبو ناصر) فهاتفته، وأعطيته إياه وقلت: اشرح رؤياك له وهو سيقوم بتفسيرها، وبعد انتهاء المكالمة، جاءني صاحب الرؤيا بهاتفي، وقال: أبو ناصر يريد الحديث معك، وعندما سلم قلت له: أنا لا أعرفك ولم يسبق لي أن قابلتك، وإنما أخذت هاتفك من زميل، فضحك بصوت عالٍ، فقلت لعله شبَّه عليّ، وعندما عدتُ إلى الرياض قابلت أبا ناصر، وقال: من قال لك إنني مفسر أحلام..!! فقلت: هو أنت.!!!، وانفجرنا بالضحك، أبو ناصر هذا الأخ محمد بن أحمد بن محفوظ رجل أعمال وصديق من قرية القوارير، وهي ليست بعيدة عن قريتي في بلاد زهران، ومن مجموعتنا في مدينة الرياض التي كنا نلتقي بها بين الفينة والأخرى، ولا زلنا نذكر هذا الموقف عندما نلتقي، وعندما أقابله أقول له: حيا الله مفسر الأحلام..!!!

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button