المقالات

يوم التأسيس والأمر الملكي

استوطنت قبيلة بني حنيفة بقيادة عبيد بن ثعلبة ‏منذ مطلع القرن الخامس الميلادي  في اليمامة، واستقرت حول وادي بني حنيفة ، واتخذت من حجر (الرياض الآن) مركزًا لها، ‏وسادت منطقة نجد .
‏ونتيجة للظروف ‏التاريخية ‏خرج منها بعض أفرادها وعشائرها، ‏فعاد الأمير مانع المريدي بعشيرته إلى أرض قومه اليمامة عام ٨٥٠ هـ، وأسس الدرعية واتخذها هو وأبناؤه وأحفاده مركزًا لهم.
‏لقد تطلعت الأسرة السعودية منذ جدهم الأعلى مانع المريدي إلى إقامة كيان سياسي يتسم بالاستقلال والوحدة، ‏ويعيد لجزيرة العرب مكانتها في التاريخ العربي والإسلامي؛ ‏حيث إن الجزيرة افتقدت الوحدة والاستقرار والأمن منذ أن خرجت عاصمة الدولة الإسلامية من المدينة النبوية؛ فعاشت الجزيرة حياة من الفرقة والشتات والتناحر و الإهمال والتهميش، وخضعت أو بعضها للنفوذ الأجنبي ‏الذي استأثر بخيرات البلاد، وظلم العباد.
 وكانت بلاد العرب أحوج ما تكون إلى قيادة ‏تُعيد إليها مجدها القديم، فقاد آل سعود التطلعات نحو الكيان الأمل.
لقد كان ‏يوم 22 فبراير من العام 1139هـ ‏يوم تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- ‏الذي وحَّد الدرعية وبنى سورها وجمع أهلها ونمى اقتصادها  ‏وأمنها والطرق المؤدية إليها، وبدأ مشروع التوحيد والوحدة، فتحوَّلت الدرعية في عهده من الدولة المدينة إلى عاصمة الدولة السعودية الأولى.

‏واستطاعت الدولة السعودية الأولى والدولة السعودية الثانية والدولة السعودية الثالثة ‏المملكة العربية السعودية ‏أن تحافظ على الكيان السعودي والاستقلال الوطني ‏ومحاربة النفوذ الأجنبي، ‏وترسيخ أركان الدولة؛ لتصنع التاريخ ‏ وتشيد الحضارة السعودية الضاربة في عُمق التاريخ منذ أكثر من ٣٠٠ عام بل أكثر من ذلك بكثير.
‏لقد جاء الأمر الملكي بيوم التأسيس ‏من خادم الحرمين الشريفين ‏الملك سلمان بن عبد العزيز ؛ نتيجة لمعرفتة التاريخية ‏وإدراكه -يحفظه الله- بأهمية التاريخ في تعزيز روح الولاء والانتماء ‏وحفظ الهوية الوطنية، وربط الجيل المعاصر بتاريخ وطنه ودولته‏ ‏المباركة التي قامت ‏على العقيدة الصحيحة، وحكمت الشريعة ومبادئها السمحة  ‏من الاعتدال والوسطية والتسامح، وأخذت ‏بأسبأب التطور والنماء .
‏إن احتفاء قيادتنا المباركة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله- ‏دليل واضح على أن رؤية 20 30 تتكئ عن التاريخ والعراقة والثقافة الوطنية، وترنو إلى المستقبل آخذة بأسباب التطور في ثقة واعتزاز.
وأن ما بين يوم التأسيس واليوم الوطني ومن الدرعية إلى الرياض، ومن المؤسس الأول محمد بن سعود ومؤسس المملكة هي مسيرة سعودية وطنية ملحمية تكاملية، أثمرت ما تعيشه السعودية من الخير والتفرد، وما تزخر به من جوانب الأخضر في جميع مجالات الحياة.
‏إن استقراء تاريخنا الوطني منذ تأسيس الدولة حتى اليوم يُبصرنا بما امتنَّ الله به علينا من الخير في ظل الدولة السعودية المباركة وأئمتها وملوكها البررة الذين بروا بالشعب والوطن، واستحقوا منا الالتفاف حولهم ومناصرتهم، والنصح لهم والسير في ركابهم نحو مدارج التقدم التي يقودونا إليها.

———————-

أستاذ كرسي الملك سلمان بن عبد العزيز لدراسات تاريخ مكة المكرمة بجامعة أم القرى 

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button