لكي يعود مُسمى (الصحافة) لابد أن يتم إيقاف الإصدار الورقي فورًا، استمراره حتى بوجود موقع إلكتروني هو استمرار للمنطق القديم، أي تطوير أو تحرك هو مجرد وهم بوجود الورق، (التبويب) هي الدائرة المغلقة، التي رسمت حدودًا حمراء عبارة عن صفحة أولى، وأخيرة لا يمكن الخروج منها بمواكبة الواقع.
كم صحيفة أعلنت أنها ستُواكب التحول، كم صحيفة أعلنت أنها ستواكب الإعلام الجديد، وكم وكم وجميعها بلا كيف، أي صحيفة استطاعت أن تقود حدث خلال السنوات الأخيرة، أي صحيفة وصلك خبرها في الواتساب على أقل تقدير، أصبحنا نُلاحق (مهرجين) وصلوا (لترند) لنسألهم كيف وصلتوا؟! ونصنع منهم مادة، بلا مهنية، ولا مهنة، وأي وأي وجميعها (آي الوجع) على ما يحدث في إعلامنا، وصحافتنا.
كل ما سبق محاولات مع تقديري تعيسة، لم تجذب، ولن تجذب في ظل خندق الورق، ليس المتسبب الورق، بل “لعنة الورق” الذي تحوَّل من (فرخ) إلى (وورد) من الكتابة على ورق إلى (كيبورد) في ظل أن لا الأول ولا الثاني هو الحل بل في الخروج من حصر الحرف، وقتل الكلمة في ظل الاحتجاز داخل الصندوق.
لا نزال في ذلك الصندوق القديم، الذي ينتظر اجتماع التحرير الخامسة عصرًا، لإجازة (مانشيتات) الصفحة الأولى لنشرها الثانية عشرة بعد منتصف الليل كسبق صحفي، لمحتوى يعرفه الجميع قبل نشره بـ ١٢ ساعة على أقل تقدير، باستثناء المجتمعين، ليقرأه كاتب الخبر، وممكن شخص من أقاربه، ومن نشر لهم خبر علاقات عامة أو مجاملة، بينما المستهدف ينتظر تغريدة أو سنابة لشخص يملك علامة زرقاء أو صفراء.
كادر العمل في الصحف، وصلوا لحالة صعبة من الثقة، تأخر رواتب، وعدم وجود مشاهدات أو تفاعل لما يقدمه من جهد لذلك بدلًا من الأسلوب العتيق، ولا يعني وجود حساب على مواقع التواصل الاجتماعي أو موقع إلكتروني هو (التحوَّل الصحفي) بل الموضوع أكبر من هذا الأمر، التحوَّل يعني الانتقال الجذري من مسارٍ إلى مسار أخر أكثر فعالية، لذلك فرغوهم لما يتواكب مع المرحلة، التغريدة يمكن أن تكون المانشيت، والتصميم الغلاف، كل مادة خاصة يمكن أن تصنع بها الفرق، أيضًا لماذا لا تقود الصحف “برودكاست” مؤثر؟! لماذا لا تصنع برنامجًا على اليوتيوب بفكر مميز؟! لماذا لا تكون منصة السناب والتيك توك أكثر تأثيرًا صحفيًا، هل ننتظر أن تقدم عليه صحيفة غربية؟! هذه مجرد مقترحات، تحتاج تخطيطًا أفضل، وستخرج بما هو أفضل.
أي تطوير للكوادر بالاسلوب التقليدي من تدريس أو ابتعاث وغيره بدون مواكبة الأسلوب الحديث للإعلام الجديد لن يخدم الأهداف المرجوة، لذلك فرغوا الصحفي (للاستقصاء)، والمصور (للمونتاج)، ومحرر الصياغة (لصناعة المحتوى)، والمصمم (للإنفوجرافيك)، والفنيين (لرسم صفحاتهم على مواقع التواصل)، وسكرتير التحرير (على الترند والترويج)، ومدير التحرير (يصنع الظهور)، بدلًا مما يحدث لهم بانتظار ما يرسم ويظهر على الورق أولًا.
أتمنى أن تُعاد صياغة الإعلام الجديد، ويقود الإعلام الحقيقي المشهد، وتلتقط الصورة من زاوية أخرى، تحتاج منكم أن تصنعوا الحدث، وتسابقوا الزمن، وفارقوا الورق، أعيدوا للصحافة هيبتها، وللإعلام رونقه، فبها يعود كل شيء إلى مكانه الطبيعي، الأسماء والمسميات، الإعلامي والمتعلمن، الصحافي والمستصحف، وتُمنح الشهرة لمن يستحقها، وتكون المهنية الفيصل.