المقالات

متى آخرة مرة: اشتريت صحيفةً، سمعت إذاعةً، جلست أمام تلفزيون؟!

صحافة، إذاعة، تلفزيون الإعلام التقليدي، أو القديم بمعنى أصح، فهذا الثلاثي الذي كان يقود الإعلام يومًا ما، أصبح يُصارع الوجود، على أجهزة إنعاش لن تُعيده للحياه، لكن أبقته على قيدها لعدم وجود مهنية تُحاكي عهدهم القديم، وتمحي وجودهم بتاتًا.

الثلاثي المُناضل، كل منهم حبيس عهده، الصحافة بالورق، والإذاعة بالراديو، والتلفزيون بالشاشات، في ظل أن الخارطة توسَّعت، والمنصة مختلفة، ورغم تحركاتهم الحثيثة إلا أنهم مقيدون، مثل بعض أصحاب العادات والمعتقدات، ممن يرفضون ركوب الطائرة، ويفضلون الذهاب بالسيارة، خوفًا من سقوط الطائرة، بينما حوادث الطرق أكثر خطرًا من حوادث الجو، كذلك حوادث الإعلام التقليدي أكثر بُعدًا عن واقع الإعلام الرقمي.

ولكي نكون أكثر دقةً في الوصف؛ فإن المنصات التي تُحرك توجهات الثلاثي المناضل هي الطريق البري الذي يُعاني من ضعف جودة الطريق ودخول السائبة لعدم تمكن المادة من مقارعة ساحة السماء، وسرعة الضوء، اللذان يتطوران بشكل متسارع، ففي الوقت الذي يحاولون فيه مقاومة التغيير بالتواجد الخجول في منصات الإعلام الجديد، تؤخرهم الرغبة في الاستمرار على نفس الطرق القديمة التي من المُفترض أن تكون موسمية عابرة، وليست الطريق والوجهة الرئيسية.

قبل أن أصل إلى وجه ما أظنه، أوجه سؤالًا لكل من وصل إلى هذه المرحلة من المقال، متى آخر مرة اشتريت صحيفة ورقية؟ أو متى آخر مرة سمعت نشرة إذاعية لستُ مجبرًا عليها في سيارتك؟ أو متى جلست أمام شاشة تلفزيون تُتابع ما تقدمه قناة باستثناء متابعة مباريات كرة قدم أو اعتبارها وسيلة لمشاهدة فيلم عبر أحد المنصات؟ .. لستُ هنا للتعميم، لكن أعتقد أن إجابتك هي ما أقصده، وأردتك أن تتعمَّق في التفكير فيه، جميعنا نعيش نفس الأمر.

لستُ ناقمًا أو محاربًا للإعلام التقليدي بل العكس أجد أن بلاط جلالة الصحافة، ودوائر موجات الرقيقة الإذاعة، وذهبية شاشات القنوات، لا زال الميدان لها مع اختلاف بسيط في المسميات والمواقع لذلك بلاطها أصبح (رقميًا) وموجاتها تحَّولت (بودكاستًا)، وقنواتها تبث عبر (كاميرا صغيرة جدًا)، من المهم أن يعي القائمون عليها، أين يجب أن يكونوا بدلًا من السير على طرق منحدرة بينما هناك متسع في السماء._

__________________

ماجستير صحافة وإعلام

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button