كنتُ أسمع دائمًا بجبل الغارب أحد جبال محافظة قلوة إلا أنني لم يحصل لي شرف زيارته إلا أنه في صبيحة يوم السبت الحادي عشر من شهر رجب لهذا العام ألف وأربعمائة وثلاثة وأربعين للهجرة، كان لي شرف المشاركة في تغطية فعالية “هاينج قلوة 2” بجبل الغارب رفقة بعض الزملاء، ونحن في طريقنا صادفتنا تلك العقبة ذات الطلوع الوعر والمنحنيات المتكررة، البعض منها خطر لا يسلكها سوى سيارات الدفع الرباعي من الجيبوب ذات الدبلات، رغم تمهيدها من قبل الجهات المعنية، وعند وصولنا وجدنا أبناء قبيلة الأحلاف في استقبال ضيوفهم يرددون أجمل عبارات الترحيب في مقدمتهم شيخ القبيلة الشيخ يحيى أبو القرون، وابنه الشيخ علي بن يحى أبو القرون، والأطفال يلعبون هنا وهناك بكل فرح وسرور في فرحة غامرة.
وتفاجأت بوجود عدد من الحصون الأثرية القديمة والمزارع والمدرجات الزراعية، ورغم ما شاهدته من جمال المكان وأجوائه الخيالية في قمة جبل الغارب الذي يُعانق السحاب بشموخه الذي اكتسبه من شموخ من سكنه من الرجال الأوفياء.
كنتُ أتساءل في نفسي كيف عاش أبناء هذه القرية، رغم تلك التضاريس والمسافات البعيدة عن المدن والقرى المجاورة، وكيف كانوا يجلبون الماء لمنازلهم ومستلزماتهم المعيشية لحياتهم اليومية، إلى أن بدأ الحفل الخطابي، وجاءت كلمة أهالي القرية التي ألقاها ابنهم المهندس أحمد شهوان الغبيشي، وهو يصف جبل الغارب والقرية الواقعة على قمته. بارتفاع ألف وخمسمائة متر عن سطح البحر، وما يتميز به من مناخ جذاب وما تتميز به القرية من زراعة أنواع الحبوب والفواكه وإنتاج العسل والسمن، وما يربطهم من علاقة بأبناء القرى المجاورة وثقة التعامل في البيع والشراء، وكيفية بيع ما يتم إنتاجه من محاصيل زراعية وفواكه وعسل وسمن والتنقل بين القرى عبر عدة طرق في غاية العورة، ومنها ما يربطهم ببعض قرى محافظة المخواة كان يستخدمها الآباء والأجداد في تنقلاتهم سواءً سيرًا على الأقدام أو باستخدام الدواب في قضاء حوائجهم.
وما كان يُعانيه الآباء والأجداد من متاعب ومشقة في حياتهم المعيشية والصحية لبُعد القرية عن جميع المرافق الخدمية، ورغم تلك الظروف القاسية إلا أنهم حرصوا على تعليم أبنائهم؛ فقد تخرج منهم الأطباء والمهندسون والمعلمون والعسكريون بمختلف الرتب العسكرية جميعهم في ميادين الشرف في خدمة دينهم ثم مليكهم ووطنهم.
إلا أنه مع مرور الوقت أصبحت تلك القرية الجميلة خالية من السكان، وأصبحت تئن حنينًا لأبنائها؛ لتعيش حياتها الطبيعية الجميلة إلا أن انعدام الخدمات حرم أبناء تلك القرية من قريتهم، والقرية من أبنائها رغم حنين الاشتياق..
إلا أن ذلك الحنين عاد بهم إليها من مختلف مناطق المملكة بصفة مؤقتة بل لساعات معدودة من أجل استقبال ضيوف قريتهم الذين قدموا من مختلف مناطق مملكتنا الحبيبة الذين اختاروا جبل الغارب وجهة لهم في مسيرتهم الرياضية.
ورغم تلك التضاريس والطرق الوعرة وبُعد المحلات التجارية والمطابخ إلا أنهم قدموا ضيافةً حاتميةً؛ فكيف لا يقوم قبائل الأحلاف بضيافة حاتمية، وهم أصل الكرم ومنبعه بقيادة منصوبهم وقيدومهم شيخ الكرم، ورجل العطاء الشيخ “يحيى أبو القرون” الذي يقف على رؤوس الأشهاد بكرمه وسخائه وعطائه بدون قصور في جميع المشائخ والقبائل.
ومن خلال تواجدي في تلك القرية الجميلة بطبيعتها وكرم أهلها إلا أن جمالها لم يكتمل لعدم وجود أهم مقومات التنمية من خدمات مثل: الطرق والكهرباء والمياه وشبكة الجوال؛ فهذا المكان الاستراتيجي في أمسِّ الحاجة إلى تنمية وخدمات تليق به وبمكانته؛ ليكون وجهة سياحية مشرقة في محافظة قلوة ومرتادًا لعشاق ومحبي رياضة الهايكنج في الوطن العربي؛ وخاصة لو أنشئت المنازل الريفية.
هنا يبقى الأمل في “حسام الباحة” الذي جعل راحة المواطن جل اهتمامه وخدمته نصب عينيه بحرصه ومتابعته وتوجيهاته السديدة أن يجعل جبل الغارب وجهة سياحية يُشار لها بالبنان.
شكرا كاتبنا وقلمنا النير الاخ حسن الصغير على الاشاده بما قدم لضيوف هايكنق جبل الغارب وعلى مشاعركم الصادقه تجاه مايعانيه اهل الجبل او مرتاديه شكرا للقلم الذي نبض بحس من قاسا وعانا من صعوبة الوصول او الاقامه هناك
تحياتي من احد ابناء الغارب