(في اعتقادي لن يفلح من يريد إسقاطنا إلا عندما يفلح في إخراجنا وإبعادنا عن ديننا وعقيدتنا؛ لذا لابد لنا من التمسك بالدين والعقيدة، والدولة تفتح قلبها وأبوابها لكن من خرج عن رشده ثم عاد إلينا، وقد أدرك الدرس، وعرف الخطأ الذي وقع فيها)
الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله-
يوم الخميس الموافق السابع والعشرين من يناير 2022م صدر أمر ملكي من سمو الملك سلمـــــان بـــن عبد العزيــــــز ملك المملكة العربية السعودية باعتماد يوم 22 فبراير من كل عام “يوم التأسيس” للدولة السعودية، وأمر بأن يكون يوم إجازة رسمية يتوجب اعتمادها في كافة القطاعات الخاصة والحكومية، اعتزازًا بكافة الجذور الراسخة لهذه المملكة العظيمة، وارتباط مواطنيها بحكامها منذ عهد الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون؛ وبهذه المناسبة ترتدي المملكة زيها الأخضر والأبيض احتفالًا وابتهاجًا بأهم حدث تاريخي في المملكة على الإطلاق، فهي ذكرى فخر واعتزاز.
والاحتفال بهذه المناسبة يعكس حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان على تخليد هذا اليوم في نفوس الشعب السعودي، وحرصهم على إبراز تاريخ ومنجزات الأجداد وبطولاتهم، وحكمتهم وتضحياتهم وحضارة المملكة القديمة للأجيال الحديثة، وربط إنجازات الماضي بالحاضر.
وبهذه المناسبة الكريمة والعزيزة، والتي سيكون لها الأثر الإيجابي في قلب كل مواطن سعودي لابد من العودة لعرض مراحل تأسيس الدولة السعودية.
الدولة السعودية الأولى: تأسست عام ١١٣٩هـ الموافق ١٧٢٧م، بعد تحالف واتفاق سُمي “اتفاق الدرعية” بين الأمير محمد بن سعود بن محمد بن مقرن، والشيخ محمد بن عبد الوهاب للقضاء على بعض المشاكل التي عانت منها شبه الجزيرة العربية في النواحي السياسية والاجتماعية، واتفق الطرفان على السير نحو العقيدة الصحيحة، وإنشاء دولة موحدة تُطبِّق الشريعة الإسلامية، والمحافظة على الوحدة والأمن في الجزيرة العربية، ولكن نتيجة تعرضها للعديد من الحملات العثمانية أسفرت عن نهايتها عام 1818م.
الدولة السعودية الثانية: بعد سبع سنوات تقريبًا من انتهاء الدولة السعودية الأولى، أي في عام 1824م تمكن الأمير تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود من استعادتها وتأسيس الدولة السعودية الثانية عاصمتها الرياض بعد انقضاء الحملات العثمانية وما خلفته من آثار، وقد سارت هذه الدولة على نهج الدولة السعودية الأولى من مقومات، وانتهت عام 1891م نتيجة فتن وعدة عوامل داخلية.
الدولة السعودية الثالثة: تأسست في 15 يناير 1902م على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ووحدها باسم المملكة العربية السعودية، عرفت الدولة السعودية الثالثة بداية عهدها باسم إمارة الرياض، وبعد ضم الأحساء سُميت إمارة نجد والأحساء، وتمكنت الإمارة من التوسع حتى استطاعت عام 1921م من السيطرة على كامل أراضي نجد بعد اسقاط إمارة حائل المنافسة، وأصبحت إمارة نجد والأحساء تُعرف باسم سلطنة نجد، ومن ثم مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها واستمر الاسم قائمًا حتى إعلان قيام المملكة العربية السعودية الحديثة والمعاصرة عام م1932، وسار أبناؤه الملوك من بعده على نهجه في تعزيز بناء هذه الدولة ووحدتها.
وعندما نأتي للحديث عن الفرق بين اليوم الوطني السعودي ويوم التأسيس نجد أن يوم تأسيس المملكة العربية السعودية يرجع بنا التاريخ إلى يوم الإعلان عن تأسيس الدولة السعودية الأولى في منتصف فبراير عام 1727م في عهد الإمام محمد بن سعود، والذي أعلن فيه عن تأسيس الدولة السعودية؛ ولذلك أصدر المرسوم الملكي من الملك سلمان بجعل هذا اليوم إجازة رسمية في البلاد.
أما اليوم الوطني السعودي فيرجع إلى 23 سبتمبر 1932 ميلاديًا، بقيام الملك عبد العزيز بتوحيد المملكة العربية السعودية؛ حيث كانت تُسمى في السابق مملكة الحجاز وملحقاتها، وأصدر في هذا اليوم مرسوم ملكي بتغيير اسم الدولة إلى المملكة العربية السعودية.
فهنيئًا للشعب السعودي هذه الذكرى الوطنية، وهذا اليوم المميز، ويحق لكل سعودي أن يفتخر ويرفع رأسه عاليًا؛ كونه سعودي الجنسية فموطنه موطن فخر واعتزاز، حفظ الله خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وشعب المملكة العربية السعودية من كل شر وفتنة.
وأختم حديثي عن المملكة العربية السعودية الشقيقة الكبرى لمملكة البحرين في ذكرى يوم تأسيسها بقول الشاعر غازي القصيبي -رحمه الله-:
أجل نحن الحجاز ونحن نجدهنا مجد لنا وهناك مجد
ونحن جزيرة العرب افتداها ويفديها غطارفة وأسد
ونحن شمالنا كبر أشم ونحن جنوبنا كبر أشد
ونحن عسير مطلبها عسير ودون جبالها برق ورعد
ونحن الشاطئ الشرقي بحر وأصداف وأسياف وحشد.
————————
nshowaiter98@gmail.com