المقالات

يوم التأسيس ..قرون التوطيد والتنمية

تاريخ يضرب بأطناب حضارته في أعماق التاريخ، فالدولة السعودية بمراحلها الثلاث تخطو منذ القدم بخطوات الثبات والشموخ، وبرغم حداثتها آنذاك؛ إلّا إنها لتتفوق على كثير من البلدان التي حضاراتها تسبقنا بآلاف السنين، ويعود ذلك إلى سياسة الحكمة والحكمة السياسية لقادتها، فمنذ فجر التأسيس دأب القادة على المضي حزمًا وعزمًا لإعلاء كلمة الله، ولا ننسى الفكر الإداري الناجع والناجح؛ إذْ أداروا الأزمات بكل اقتدار ودراية.

والدولة السعودية الثالثة لتعد تتويجًا لجهود الآباء والأجداد من المؤسسين؛ فقد امتطى الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – صهوة العزّة والكرامة، بحثًا عن مجد مؤثل يحفظ لهذه الدولة دينها ومقدراتها، فبدأ رحلة التأسيس والتوطيد لدعائم ملك الأباء والأجداد، فحمل على عاتقه مسئولية التوحيد لأطراف الجزيرة المترامية، فذرعها طولًا وعرضًا على الخيل، وتحقق له النصر بفضل الله ثم بهمة الرجال وسواعدها، في ظروف حرجة جدًا كانت تعصف بالعالم، فالحروب كانت على أشدها، والأمراض تفتك بالبشر، ينضاف إلى ذلك قلة الموارد وشحها، فاستطاع بعزيمة الأبطال توحيد الكيان الشامخ، الذي أصبح له شأن على الصعيدين المحلي والدولي.
وهذه النقلة النوعية في حياة سكان الجزيرة العربية حولت التشرذم إلى تآلف، والتناحر إلى أخوة، والتفكك إلى تماسك، فاقترن التأسيس بالتنمية، وتعاضدا لينعكس ذلك جليًّا على شريحة المجتمع.
إن الملوك الذين تعاقبوا على حكم هذه البلاد ليعدوا من القادة الأفذاذ؛ حيث إنهم امتلكوا العقلانية والفكر الإداري والنظرة الثاقبة، فعكفوا على التنمية، وأولوا التعليم والصحة وبناء مؤسسات الدولة كل أهمية، حتى غدت بلادنا مهوى للأفئدة، كما اهتموا بعمارة أطهر بقعتين على وجه المعمورة؛ المسجد الحرام، ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم، وكان للشباب نصيب من الاهتمام، فبُنيت المرافق، والأندية الرياضية، وبيوت الشباب، كما اهتم القادة بشئون القضاء، وحقوق المرأة التي كرمها الله وأعز مكانتها، ولم تهمل الدولة بناء القدرات العسكرية، فافتتحت الكليات والمعاهد، وابتعثت الطلبة لتلقي العلوم والمعارف بشتى أنواعها، كما شيدت أساطيل الطائرات والسفن الحربية لردع الأعداء، حتى شهد لنا العدو قبل الصديق بالتفوق الحربي، والمملكة لا تعتدي على أحد، وفي المقابل لا ترضى بأن يتجرأ عليها كائن من كان، والحرب العادلة في اليمن تشهد بذلك.
وبلادنا حماها الله تقف جنبًا إلى جنب مع القضايا العربية والإسلامية؛ سبّاقة لذلك قبل النداء، كما أن لها حضورها في المحافل الدولية، فراية (لا إلٰه إلّا الله) خفاقة تعانق السماء في كل مناسبة، ولا ننكر دور المملكة في سبيل إغاثة الشعوب من باب الإنسانية؛ إذْ لا تلتفت لعرق أو دين أو أي مظهر من مظاهر العنصرية، ولكن بدافع ما يمليه عليها الضمير الإنساني الحي.
إن رؤية المملكة التي يقودها خادم الحرمين الشريفين لهي أنموذج للقدرة الإدارية والفكر الاقتصادي، الذي سينقل المملكة من العالم الثالث إلى مصاف الدول العظمى إن شاء الله.

د. نايف بن عبدالعزيز الحارثي

أستاذ اللغة العربية المشارك بكلية الملك عبدالله للدفاع الجوي

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. جزاك الله خيرا دكتورنا الفاضل حفظ الله بلادنا و حكامنا بحفظه و منه . إلى الأمام نخطوا بثبات و عزم حكمة الشيوخ و عزيمة الشباب .

  2. مبدع كالعادة يادكتور نايف
    ونسأل الله أن يحفظ بلادنا وقادتنا ويكفينا شر من يتربص بنا الدوائر
    إنجازات الدولة السعودية التي قامت على التوحيد تحتاج لمؤلفات كثيرة وعديدة في شتى نواحي الحياة
    ومقالك هذا إضاءة في هذا الشأن وفقك الله

  3. بارك الله فيك يا دكتور
    اللهم احفظ قادتنا وشعبنا
    وأدم علينا الأمن والأمان

  4. مقالك رائع وأنت قمه في كل شيء بارك الله فيك ونسأل الله أن يحفظ هذا الوطن ويديم علينا نعمة الأمن والأمان في ظل هذه القياده الحكيمه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى