د. عبدالله علي النهدي

مولد أمة

صدر الأمر الملكي الكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بأن يكون يوم 22 فبراير يومًا للتأسيس، وهو اليوم الذي يرمز إلى العُمق الديني والتاريخي، والسياسي والحضاري، والثقافي والاجتماعي للمملكة العربية السعودية عندما وضع الإمام محمد بن سعود اللبنة الأولى للدولة السعودية الأولى عام (1139هـ – 1727م). وتمتد جذور هذا التأسيس إلى حقبة بعيدة يعود تاريخها إلى فترة استقرار بنو حنيفة في وسط الجزيرة العربية في مطلع القرن الخامس الميلادي، وتأسيسهم لمملكة اليمامة التي أصبحت جزءًا من دولة الخلافة الإسلامية عند ظهور الإسلام. وكان الاستقرار متركزًا في منطقة العارض في نجد؛ وخاصة في وادي حنيفة. وبانهيار الخلافة العباسية وسقوطها سنة (656هـ) تمزّقت بلاد العرب وتشتت كلمتهم، واستولى على السلطة عجم من فرس وترك ومغول وغيرهم، وحتى عندما دخل العرب عهد الدويلات الصغيرة بقيت جزيرة العرب معزولة وممزقة تُكابد الفقر والجهل، تفترش الجوع وتلتحف الخوف. قبائل تتناحر فيما بينها، تحكمها شريعة الغاب والبقاء للأقوى، تمتهن السلب والنهب وقطع الطرق التي لم يسلم منها حتى حجاج بيت الله الحرام. لقد كانت الجزيرة العربية في حالة من الضعف وعدم الاستقرار.

وفي منتصف القرن التاسع الهجري وتحديدًا في عام (850هـ – 1446م) تمكن الأمير مانع بن ربيعة المريدي الحنفي من العودة إلى وسط الجزيرة العربية؛ حيث كان أسلافه وقام بتأسيس مدينة الدرعية التي أصبحت منطلق تأسيس الدولة السعودية الأولى. ثم تعاقب خلال ثلاثة قرون أبناء مانع المريدي وأحفاده على إمارة الدرعية، حتى تولى الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية في منتصف عام (1139هـ) فبراير (1727م) الذي أسس الدولة السعودية الأولى وجعل الدرعية عاصمة لها؛ حيث ولد الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن في الدرعية عام (1090هـ – 1679م) ونشأ وترعرع فيها، وكان مشاركًا في الأحداث أثناء عهد جده وأبيه عندما تولوا الإمارة، مما أكسبه خبرة في السياسة والحكم.

ولا شك أن الاحتفال بهذا اليوم سوف يعمل على تعزيز الجذور الراسخة للدولة السعودية والاعتزاز بالارتباط الوثيق بين الشعب وقيادته، كما أن في هذه المناسبة فرصة للاعتزاز والتذكير بصمود الدولة السعودية الأولى، وتمكن قادتها من الدفاع عنها أمام الأعداء. كما تعد هذه المناسبة مصدر فخر واعتزاز باستمرار الدولة السعودية، وتمكن قادتها من استعادة حكمهم عبر عقود طويلة وصولًا لقيام المملكة العربية السعودية كأكبر وحدة وطنية في العالم العربي والإسلامي أرسى قواعدها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود -يرحمه الله- ثم جاء من بعده أبناؤه البررة ليواصلوا الإنجازات في سبيل تعزيز مسيرة البناء والتقدم، والحفاظ على الوحدة الوطنية لهذا الوطن العظيم.

الخاتمة:
اللهم احفظ المملكة العربية السعودية مليكًا وولي عهدا وحكومةً وشعبًا، واحفظ المقيمين على أرضها، وكل المحبين لها من كل مكروه.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button