المقالات

16 عاماً على كـارثـة 2006

في تاريخ كل بلد يوجد انهيار كبير يُشكل علامة فارقة في تاريخها الاقتصادي.. في أمريكا مثلًا ما يزال الخبراء يتحدثون عن انهيار عام 1929 الذي شكَّل كارثة حقيقية تسببت في إفلاس الملايين، وتحويل الأثـريـاء إلى معدومين…

وفي السعودية حـدث أعظم انهيار في سوق الأسهم في 25 فبراير2006؛ فـبعـد أن أغلق المؤشر عند أعلى نقطة في تاريخه (20,636) بـدأ الانهيار في اليوم التالي بسبب الخروج الجماعي للحيتان والمستثمرين الكبار. أدركوا أن فقاعة السوق بلغت أوجها، فـباعـوا أسهمهم عند حدودها العـليا، وانفجرت الفقاعة في وجــه من لم يستطع البيع في الوقت المناسب.. لم يستوعب المتداولون الصغار ماحدث، وتصور معظمهم أنه تراجع تصحيحي أو انخفاض مؤقـت. وحـين استوعبوا خطورة الموقف، انتشرت بينهم حـالة هـلع تفوق غرق التيتانك.. احترق معظمهم في السوق، ولم ينجح أغلبهم في سحب أموالهم بسبب ضغط أوامر البيع (وعـدم وجود مشترين أصلًا).. استمر السوق بالهبوط حتى 8443 نقطة، وبعـد سنتين عاود النزول مجددًا إلى 4542 نقطة فقط!!
في “تلك الأيـام” لم أقابل أحـدًا نجا من الكارثة أو لم يخسر مدخرات قضى في جمعها سنين عديدة. فـمعظم الناس في ذلك الوقت لم يكونوا يملكون معايير مسبقة للخروج، أو خططًا طويلة المدى، أو متوسط أرباح يعوض الخسائر أو يحد من قسوة الانهيار (وجميعها احتياطات واستراتيجيات ناجحة سنتحدث عنها قريبًا)..
ولهذا السبب بالذات، تفاوتت خسائر المتداولين بحسب أسبقية الدخول. فمن دخل مبكرًا (قبل الانهيار بست سنوات مثلًا) لم يتأثر كثيرًا بقسوة الانهيار. أذكر حينها أنني راجعت ثلاثة من أعرق الصناديق الاسـتثمارية فوجدتها قد حققت أرباحًا تقدر بــ796٪ و631٪ و793٪ منذ عام 2000 وحتى انهيار السوق عام 2006. وهذه النسب الإيجابية الكبيرة (خلال الست سنوات التي سبقت الكارثة) تتفوق على خسائر الانهيار بعـدة أضعاف، وتؤكد فعالية “الاسـتثمار الطويل” في تخفيض المخاطر، ودور “الزمن” في تجاوز أي انهيار مهما كان قاسيًا ..
الحقيقة التي يجب أن ندركها جيدًا هي أن انهيارات الأسواق ــ في حال حدوثها بهذا الشكل القاسي ــ قــد تنزل مؤقـتًا بقيمة أسهمك، ولكنها لا تنزل بعـددهـا وكميتها مهما حصل. فـمن يشتري 100 سهم في شركة ناجحة، سـيظل يملك 100 سهم مهما انخفض السوق. يمكننا تشبيهه بسيدة اشترت عشرة أساور ذهـبية قبل انهيار سوق الذهب بيومين.. سـتظـل تملك (عشرة أساور) مهما نزلت الأسعار، وستظل تملك استثمارًا ناجحًا طالما لم تصب بالهلع، وتبيع أساورها بثمن بخس..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى