المقالات

فضفضة أكاديمية

في أُمسية ضمت أصدقاء من طلاب الدراسات العليا في تخصصات مختلفة، كان سؤالي لأحدهم “وش سويت في موضوع البحث؟” كفيلًا بتحويل مسار الحديث بين الجميع من ودّي إلى أكاديمي، واختلطت الفضفضة مع تبادل الآراء، ولم يكن لأمثالي سبيل سوى الإنصات، فبدأ كل منهم يقص تجربته، وبعضهم يروي معاناته لاختيار موضوع بحثه (المنتظر). ورغم التباين الطبيعي باختلاف التخصصات والجهات الأكاديمية إلا أنه كان هناك شبه اتفاق على الدور المحوري للمشرف على الطالب.
وفي الغالب تكون البحوث في مرحلة الماجستير أثقل وطأة على الباحث لعدة أسباب منها فترة التوقف الطويلة بعد البكالوريوس، وتعارض الوقت مع مسؤولياته العائلية، وربما العملية، ومبررات الحصول على الدرجة وقلة الخبرة، وضعف التأهيل في التعامل مع مكونات وأدوات البحث العلمي أو حتى اختياره للمشرف على البحث إن كان له الخيار، ولا يجد الطالب مفرًا من اختيار موضوع أشار به المشرف دون النظر لإمكاناته واتجاهاته الفكرية، وقدرته على تفسير نتائج بحثه. الغريب أن يتكرر المشهد مع “البعض” في برنامج درجة الدكتوراة، والذي يفترض وصوله لمرحلة النضج والقدرة على تحديد خياراته، فقد يضطر البعض أحيانًا إلى مجاراة المشرف في اهتماماته وحماسه لموضوع دون آخر. وبالتالي الوقوع في شرك التكرار واستنساخ الأفكار، والبحوث التقليدية التي لا تضيف جديدًا للبحث العلمي، ولا تواكب الجديد، ولا تجاري المتغيرات.
وكثيرًا ما يأتي التساؤل؛ ما الجدوى من وجود رسائل وأبحاث على أرفف المكتبات دون إضافة علمية جديدة تذكر؟! ألم تستنزف من الباحث وقتًا وجهدًا وتكلفةً مادية؟
ولا ننكر أن البحث عن الموضوعات الأحدث في مجال ما يتطلب جهدًا ووقتًا، إلا أن الطالب متى ما وجد تفاعلًا ومرونة في التواصل مع المشرف، وشعر بتقدير أفكاره وأهمية بحثه، تزيد دافعيته وتحمله للمسؤولية، وينعكس بالتالي على أدائه في إنجاز البحث، وتميزه وثقته في نتائجه.
وحقيقة الأمر أن الحصول على الدرجة العلمية ليس سهل المنال، ‏ويمر بتحديات كبيرة يسهل تجاوزها مع وجود النخبة المضيئة من الأساتذة الذين يحرصون على بناء شخصية الباحث من خلال التكليفات البحثية منذ بداية البرنامج والدعم والتوجيه لطلابهم، والتفاعل معهم.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button