المقالات

الإسراء والمعراج بين الخلاف والتشكيك ؟!

انتشرت في الآونة الأخيرة محاولات للتشكيك في حادثة المعراج , وسبق من أنكر الإسراء والمعراج معا وشكك فيهما !
رغم أن ستة وعشرين صحابيًّا رووا حديث الإسراء والمعراج ، وهو من الأحاديث الثابتة الصحيحة ، وكلها
تدل دلالة صريحة واضحة عن أن الإسراء والمعراج كانا بشخصه الكريم صلى الله عليه وسلم، أي بجسده وروحه،
والخلاف الذي كان بين الصحابة رضوان الله عليهم :هل كانا بالروح والجسد معاً أم بروحه عليه الصلاة والسلام ؟
ومنشأ الخلاف حديثين عن عائشة ومعاوية ـ رضي الله عنهما ـ يفهمان أن الإسراء والمعراج لم يكونا بجسده الشريف، وقد انفرد بروايتهما ابن اسحاق في السيرة ، ونقله عنه ابن هشام في تهذيب سيرته، قال: حدثني بعض آل أبي بكر أن عائشة كانت تقول: ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الله أسرى بروحه. وقال: حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أن معاوية بن أبي سفيان كان إذا سُئل عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كانت رؤيا من الله صادقة. قال ابن إسحاق عقيب ذلك: فلم ينكر ذلك من قولهما لقول الحسن:
هذه الآية نزلت في ذلك، قول الله – عز وجل -: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ} (الإسراء: 60)
ثم عقَّب ابن إسحاق قائلاً : على أي حاليه كان نائمًا أو يقظان كل ذلك حق صدق.

وقد نقل الإمام أبو جعفر ابن جرير الطبري في تفسيره قول ابن إسحاق، ثم رده ويقول الشيخ محمد شاكر ـ القاضي الشرعي ـ : “إن كلمة ابن إسحاق واستدلاله بخبري عائشة ومعاوية – في غالب رأينا – هي أول ما نُقل عن العلماء المتقدمين من الخلاف في هذه المسألة، ثم جاء بعد من جَزم بما تردد فيه، واستدلال ابن إسحاق بهذين الخبرين غير جيد، فإنهما خبران ضعيفان ليس لهما إسناد صحيح، وقد أطلت البحث عنهما فلم أجد لهما إسنادًا غير
ما ذكر ابن اسحاق، أما خبر معاوية، فإنه منقطع؛ لأن راويه يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس لم يدرك معاوية، ولم يدرك أحدًا من الصحابة أصلاً، وإنما يروى عن التابعين فقط، ومات سنة 128، ومعاوية مات سنة 60، وأما حديث
عائشة فإنه كما ترون لا إسناد له، لأن قول ابن إسحاق حدثني بعض آل أبي بكر إيهام للراوي، فلا نعرف منه من الذي حدثه، وهل هو ثقة أو ليس بثقة؟ وهل أدرك عائشة أو لم يدركها؟ فكلا الحديثين منقطع الإسناد، مجهول الراوي، لا يحتج بمثله عند أهل العلم”
ختاماً
الخلاف حول الإسراء والمعراج ظهر بين الصحابة ثم العلماء المتقدمين وهل كانا بالجسد والروح معا أم بالروح فقط ؟! ولم يسعهم إلا ما قاله ابن إسحاق : “على أي حاليه كان نائمًا أو يقظان كل ذلك حق صدق ” أما التشكيك الذي نراه اليوم ومن قبل فهو ينتهز جهل الكثيرين بهذا الخلاف سواء في هذه المسألة أو غيرها لأننا ولوقت طويل بقينا أسرى فكر ومنهج ومدرسة واحدة منطقها من اعترض اطرد والخلاف المعتبر خروج عن الوحدة الإسلامية وغير مقبول وغير مرحب به .
للمفارقة أن الكثيرين ممن يشككون في الإسراء والمعراج هم أنفسهم خرجوا علينا بفِريةِ في وقت سابق ، ليدعوا أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أُسرى به إلى المسجد الأقصى ومكانه الجعرانة في مكة المكرمة وليس فلسطين !!
ما أجملَ الإسلام المعتدل, والوسطية، واحترام أدب الخلاف المعتبر !!

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button