تحتفل المملكة العربية السعودية بيوم التأسيس لأول مرة في ظل مرحلة جديدة من تاريخها المعاصر والمشرق، تشهد خلالها نقلة كبيرة في مختلف المجالات الحياتية تسابق بها الزمن، وتتقدم بها على دول كثيرة في المنطقة والعالم، وتحقق لها فيها الكثير من معالم الازدهار والتطور والرقي والعمران والإنجازات المشهودة، مع التفاف شعبي واسع حول القيادة الحكيمة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان -حفظهما
الله تعالی-.
وفي ذكرى التأسيس تحظى مدينة الدرعية باهتمام كبير ورعاية خاصة من القيادة السياسية والدولة، ليكون لها حضورها المستحق ودورها الفاعل؛ نظرًا لأهميتها التاريخية وماضيها المشرف ومجدها المشرق، وارتباطها ببداية التأسيس وانطلاق الدولة السعودية الأولى.
ويتجلى هذا الاهتمام الرسمي بالدرعية؛ بإعادة دورها التاريخي الرائد، وجعلها مركزًا تراثيًا متميزًا وفريدًا من نوعه في المنطقة، يجمع بين رونق الأصالة وجمال المعاصرة، ويستمد عراقته من عبق الماضي، وأصالة التاريخ، وعمق الحضور، وقوة التأثير، وأهمية الموقع، ونبل الغاية.
وفي ظل هذا الاهتمام المتميز بالدرعية؛ تتوالى على الذاكرة السعودية ذكريات مريرة عن
أبشع الحوادث في التاريخ السعودي، بما تعرضت له هذه المدينة المهمة والحاضرة في قلوب السعوديين في مرحلة من تاريخها من ظلم كبير واعتداء أثيم؛ حيث يعتصر هذا الألم قلوبهم أضعافًا مضاعفة؛ لأن ذاكرتهم التاريخية تسترجع تلك الأحداث المؤلمة التي جرت لبلادهم على يد القائد العسكري إبراهيم باشا الذي جاء بجيشه من مصر للاعتداء على الدرعية، وقام بانتهاكات لا
يمكن أن تُمحى من ذاكرتهم الوطنية بتعاقب العصور وتغير الأحوال، لا سيما أن قائد ذلك الجيش من أصول غير مصرية.
وتظل العلاقات السعودية المصرية من أقوى العلاقات الأخوية في المنطقة العربية، وتعد أنموذجًا متميزًا يُحتذى به، وتشهد تطورًا ملموسًا في مختلف المجالات والجوانب، ويفخر البلدان وحكومتهما وشعبهما بهذه العلاقة الرائدة. فها هي المملكة من عدة عقود فاتح أبوابها لأبناء مصر الحبيبة بالملايين يعملون فيها في مختلف المهن والأعمال والتخصصات، ويتمتعون بحقوق ومميزات كثيرة قد لا تكون لغيرهم مثلها، ويسهمون في النهضة العمرانية والتعليمية والاقتصادية للمملكة من جهة ولمصر من جهة أخرى.
بالمقابل تعد مصر الحبيبة هي الوجهة السياحية الأفضل والأمن للسعوديين، حيث يتقاطر عليها مئات الألوف من الأفراد والأسر لقضاء الإجازات والعطل، فضلًا عن الآلاف الذين ارتبطوا بمصر من خلال المشاركات العلمية والثقافية والرياضية والفنية كما أن حكومة خادم الحرمين الشریفین شاركت الحكومة المصرية من منظور عربي وواجب أخوي في مواجهة كافة الأخطار المحدقة بها، ودعمتها في تحقيق الأمن والأمان والرخاء والاستقرار، وأخفقت كل محاولات الكيد والوقيعة بين البلدين الشقيقين التي حاكها الخصوم والأعداء.
——————-
المدير الأسبق للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة