توالت الأحداث الكروية تباعًا في دوري الأمير محمد بن سلمان هذا الأسبوع، وتوالت معها أرصدة المباريات من زيادة الحماس إلى جنون الجمهور إلى رفع درجة اشتعال المطاردة النقطية حتى آخر رمق قبل التوقف الرمضاني.
ولكن.. ولعله أكثر ما جذب حرفي للكتابة هذا الأسبوع، والذي جعلني لا كتابيًا (على مبدأ لا إراديًا) أن أتحدث عن البريق الذي ازداد بهاءً لثلاثة نجوم كادوا أن ينطفئوا بداية الموسم لأسباب بعيدة تمامًا عن الأسباب الفنية.
وربما كان هدف هذا المقال رساليًا بضرب الأمثال أكثر منه كتابة عن إبداع النجوم، ولعلني من خلاله أوصي النجوم الشباب بأخذ العبرة من التجارب السابقة لغيرهم، فهي كالدروس الحركية التي لا تحتاج إلى منهج دراسي، بل إلى عقل يتفكَّر وصبر وجلد، إضافة إلى حرصي أن تكون هذه الأمثلة من ملاعبنا المحلية، دون ضرب الأمثال العالمية التي ما إن تذكر مثالًا منها إلا وقالوا لك: (ذولاك في أوروبا وحنا هنا غير)، والصحيح أن التعلَّم من التجارب لا يحتاج إلى منطقة جغرافية، بل يحتاج إلى عقلية احترافية، والعقلية الاحترافية ليس لها شكل ولا لون ولا رائحة، فبإمكان الجميع الحصول عليها متى ما صمم على النجاح، وأكرر.. متى ما صمم على النجاح.
والبداية مع النجم الاتحادي برونو هنريكي، لاعب الوسط الدفاعي الذي لم يفارق كرسي البدلاء في جميع رحلات الاتحاد بداية الموسم، وحتى وصول المدرب كونترا، بل إن الحديث وصل إلى التلميح برحيله في الميركاتو الشتوي، ولكن الأحداث المتوالية لنادي الاتحاد مع بعض لاعبيه كانت مفاتيح لأبواب مغلقة في وجه انريكه، وكما يُقال في الأمثال (رب ضرة نافعة).
يقرر المحور الاتحادي عبدالإله المالكي الرحيل عن النمر الأصفر، ويُصاب النجم الاتحادي كريم الأحمدي إصابة مطولة تمنعه من الاستمرار، ليجد انريكه نفسه أمام فرصة تفجير الطاقات، وهذا ما فعله بالفعل، وبالذات مع المدرب كونترا، والذي كان له الفضل في إجادة توظيف هذا النجم، وإخراج طاقاته الكامنة.
عبدالرزاق حمد الله، والذي قدَّم مع نادي النصر أروع المستويات الفنية على مدار أكثر من موسمين، عطفًا على تحطيم الأرقام القياسية بالتهديف، ولكن.. وكما يُقال (الحلو ما يكمل)، تبدأ سلسلة اللاعب حمد الله من المشاكل مع زملائه اللاعبين، ومن ثم الجهاز الإداري، ويتطور إلى الرئاسة، وفجأة يجد نفسه في نادي النصر أمام أبواب صفراء نجدية مغلقة، جعلته يعود خطوة للخلف، ويستدير مغادرًا أسوار العالمي.
ولكن العين الاتحادية، تحفظ التاريخ، وتعلم جيدًا ما قدمه حمد الله للنصر، ولم يكن الأمر يستدعي من الإدارة الاتحادية، والجهاز الفني الأصفر من الجهة الغربية إلا احتواء اللاعب، والتعامل مع مزاجيته باحترافية عالية، جعلته يقدم مع الاتحاد حتى الآن أفضل المستويات التي أرجعت للأذهان حمد الله النصر في الأيام الخوالي.
إيغالو.. ولعلنا، ولو أطلنا أو أقصرنا الحديث عن هذا اللاعب لما أعطيناه كامل الحق، فهذا اللاعب الذي بدأ الموسم في نادي، وانتصف الموسم في النادي الآخر، كان ولا زال هداف الدوري بداية من النادي الأول ونهاية بالثاني.
إضافة إلى المستوى الفني العالي الذي يملكه إيغالو، والذي كان واضحًا منذ قدومه لنادي الشباب في منتصف العام الماضي، ولا أعتقد أننا بحاجة كبيرة للتفكير في مدى علو كعب هذا النجم، فلك أن تتصور، لاعب ارتدى شعار نادي مانشيستر يونايتد يومًا… ماذا يُمكن أن يكون… ؟
كان إيغالو نجمًا ساطعًا في نادي الشباب، بل إنه كان اللاعب الثاني بعد الداهية بانيغا في جمالية سطوع البريق الفني والإعلامي، ولكن.. وأنا أجزم على ذلك، أن مشكلة رفض مشاركة اللاعب مع منتخب بلاده في بطولة أمم أفريقيا، كانت السبب الرئيس لكل ما فعله اللاعب بعد ذلك رغبة في المغادرة.
وكان له ما أراد، وعندما ذهب لنادي الهلال، والذي استطاع أن يفجر طاقات إيغالو أكثر مما هي متفجرة، بحكم أن تصدير الكرات في الهلال سيكون متنوعًا، ليس كما كان الحال في الشباب، والذي كان محصورًا في بانيغا غالبًا.
ففي الهلال سيأتيك الغيث الكروي من كل مكان وفي أي زمان ، شمالًا سالم وياسر، وسطًا سلمان، يمينًا البريك أو سعود عبدالحميد، وماريغا جنبًا إلى جنب لإطلاق الصواريخ، وكان النتاج الأهداف المتتالية، والمستويات المتصاعدة، والنجومية المتفردة في منطقة الصندوق.
ربما الحديث أعلاه روى مجموعة بسيطة من الأمثلة الخاصة بالمواقف التي مرت بلاعبين لم يكن لديهم قاصرٌ فني، ولكنهم نجوم بحثت عن الاحتواء الكروي الذي فجر كل ما لديهم من إبداع، لنجدهم الآن نجومًا ساطعين في فرقهم كما هو حال هنريكي أو في فرق أخرى كما هو حال حمد الله وإيغالو، رغبة منهم في تحقيق المجد الجماعي بالبطولات، إضافة للمجد الفردي ببروزهم.
0