يمثل مجال العلاقات العامة مجالًا حيويًا في جانبية الأكاديمي العلمي والمهني بالممارسة الفعلية؛ وكثرة المداخل التي تعتمد عليها العلاقات العامة، وتتضح هذه الحيوية في التجدد المستمر فيه، وكذلك من كثرة تعريفاته الأمريكية، الأوروبية، والشرقية والعربية، التي أشار إليها ريكس هارلو أن ويل كوكس في كتابه استراتيجيات العلاقات العامة أنه في عام 1976 تم رصد 472 تعريفًا للعلاقات العامة في وقت لم تكن هناك كل التقنيات الحديثة الحالية، وتأتي حيوية المجال أيضًا من أنه يستوعب كل جديد من الأساليب، المهارات ،التقنيات، الوسائل، والتخصصات.
كما تتضح حيوية العلاقات العامة أيضًا من كثرة مسمياتها فهناك العلاقات العامة الإسلامية، العلاقات العامة الحديثة، العلاقات العامة التسويقية، العلاقات العامة الرقمية أو الإلكترونية، العلاقات العامة الدبلوماسية، والعلاقات العامة الدولية. هذا بالإضافة مساهمة العلاقات العامة في خدمة كل المجالات السياسية، الاقتصادية، التجارية، الصناعية، التعليمية، الثقافية، الإعلامية، الدينية، الرياضية، والاجتماعية.
ولذا فهناك حاجة ماسة لهذا المجال وبشكل متزايد ومستمر في الدوائر الحكومية، الشركات التجارية، والجمعيات الخيرية. وذلك لأهميته خاصة مع تزايد هيكل الصناعة وغيرها من المؤسسات لزيادة ابتعادها عن الاتصال المباشر بجماهيرها، مع ظهور شبكة واسعة ومعقدة من وسائل الاتصال بالجماهير، وضخامة حجم المنشاة وكثرة التنافس بينها، وزيادة طلب جماهيرها للمعلومات، وتفعيل الصورة المرضية لها لدى الجمهور الذي يجده من خلال سلوكها وانعكاسه عليهم.
تهدف إدارة العلاقات العامة لخدمة المنشآت كوظيفة إدارية تعمل لإدارة علاقات المنشآت بجمهورها عبر ممارسة الاتصال الناجح وتنفيذ مختلف النشاطات والبرامج والأعمال لصنع تفاهم متبادل بينها وبين جمهورها لتكوين سمعة حسنة بحرصها على الصالح العام للطرفين. وممارسة عملها من خلال وظائفها المتمثلة بتقديم المشورة لمجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية للمنشأة، وإجراء البحوث لدراسة واقع المنشأة ومستقبلها، والاستفادة من وسائل الاتصال والإعلام مستثمرة العلاقة الجيدة بهم، والنشر لرسائلها بمختلف أدوات العلاقات العامة، والمحافظة على علاقات المنشآت وجماهيرها المتنوعين داخلها وخارجها، والمساهمة في وظائف الإدارة العامة في التخطيط، التنظيم، القيادة، والرقابة.
ومما يعزز من مكانة العلاقات العامة حجم الإنفاق عليها فالإنفاق السنوي للعام الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية كان ما يقارب من 20 مليار دولار في مكان نشأتها وتطورها وانتشارها في العالم. ورغم واقع العلاقات العامة بين القناعة والتهميش في الوطن العربي، الا أن هناك تفاعلًا كبيرًا يتضح من حجم الإنفاق الكبير على العلاقات العامة في الكثير من الدول العربية ومن أكثرها دول الخليج العربي؛ وخاصة في المملكة العربية السعودية حيث يشير واقع العلاقات العامة في المملكة عبر مختلف المسميات أقسام وإدارة ووكالات والاهتمام الأكاديمي بها وواقع مهنيتها، مما يجعلنا نجد أن هناك فعليًا إقبالًا متزايدًا نحوها وخاصة مع تزايد حركة الانتعاش الاقتصادي والتحول نحو تنوع مصادر الدخل، وإطلاق مشاريع اقتصادية ضخمة شملتها رؤية 2030 وغيرها من المشاريع الكبيرة والمتعددة، بالإضافة حاجة المجالات الأخرى إليها كالحج والعمرة المتوقع وصولها مع الرؤية إلى 30 مليون حاج ومعتمر، والسياحة التي يتوقع أن تصل أيضا إلى 100 مليون سائح من خارج المملكة، وكذلك مجال الترفيه بمختلف فعالياته الثقافية والفنية والسينمائية.
كما أن واقع العلاقات العامة في المملكة قد تغير من الاعتماد على وسائل الإعلام التقليدية إلى الاعتماد على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي مما أدى إلى تحولها للانتقال من العلاقات العامة التقليدية إلى العلاقات العامة الرقمية لتوظيف المحتوى عبر الإعلام الاجتماعي، مع دمج المحتوى التسويقي في برامج الاتصال الخاصة بالمؤسسات، وتحويله إلى مادة تفاعلية متجددة. وصنع المحتوى التسويقي على لمختلف الوسائل، وصنع وتوزيع مادة تفاعلية ذات قيمة علية واشراك الجمهور فيها، وكذلك إدارة السمعة إلكترونيًا. أيضًا لتحول العلاقات العامة من مستخدمًا إلى شريك موثوق به لوسائل الإعلام. هذا بالإضافة إلى دخول الذكاء الاصطناعي عبر مختلف التطبيقات والبرامج والتقنيات والوسائل والأساليب والمهارات. والتشابك بين العلاقات العامة والتسويق والإعلان. كما تعددت مهام خبراء العلاقات العامة ليعملوا كسفراء للعلامات التجارية، وخبراء في وسائل التواصل الاجتماعي، ومسوقين للمحتوى، ومراقبين للاتجاهات. وبناء العلاقات مع المؤثرين الرئيسيين على الشبكات الاجتماعية، بهدف مساعدتها مباشرة في الوصول إلى جمهور مستهدف محدد. مع الاهتمام المتزايد بأخلاقيات العلاقات العامة التي حث عليها ديننا الحنيف.
وتقوم مشاريع المملكة الضخمة في ضوء رؤية 2030 على حاجة إدارة العلاقات العامة والإعلام إلى التواصل مع وسائل الإعلام المختلفة التقليدية والحديثة منها لإبراز جهود الإدارة ومنجزاتها والمساهمة الفاعلة في المعالجة الإعلامية البناءة في طرح القضايا وتوضيح الأمور ذات العلاقة بمختلف مجالات الحياة. وهذا يتطلب أن تكون لدى الدارسين لمجال العلاقات العامة الموهبة، وهي القابلية أن يكونوا خبراء علاقات عامة من خلال الدراسة التي تصقل الموهبة بجانبيها النظري والتطبيقي، ثم عبر الممارسة التي يوفرها لهم التدريب لدى أقسام وإدارات العلاقات في المنشآت الحكومية والتجارية والخيرية وهذا يؤهلهم لاكتساب الخبرة عبر العمل في ٍتلك المنشآت كأخصائيين علاقات عامة ليصبحوا محترفي علاقات عامة مؤهلين لدخول سوق العمل لإجادتهم للتطبيقات الميسرة لعملهم في مجال تصميم أدوات صناعة المحتوى بالإبحار في برامج الحاسب الألي Microsoft word, Photoshop, Quark, In Copy، ولديه من المهارات والأساليب والقدرة على الإعداد والتنفيذ لنشاطات العلاقات العامة كالحملات، المعارض، المؤتمرات، وتصميم مطبوعاتها. ولديه القدرة على استخدام وإدارة وسائل التواصل الاجتماعي.
عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام بجامعة أم القرى