حقيقةً ما أكتبه اليوم وأناقشه، هو من أكثر الأمور والمجالات التي لا أحبذ الحديث عنها، وأتردد كثيرًا قبل البدء فيها، احترامًا للتخصصية؛ وليقيني التام بأن هذا المجال من أكثر المجالات التي تحتاج إلى مُتحدثين متخصصين فيه، كما أني مؤمن بمقولة رجل السياسة الشهير “ونستون تشرشل” عندما وصف العلاقات في المجالات السياسية بأنها (شائكة فليس فيها عدو دائم ولا صديق دائم، بل هناك مصالح مشتركة)؛ لذا من الصعب جدًا أن تبني وتكوْن رائيًا في ظل زخم هذه العلاقات والمصالح اللا مُتناهية، لكن ما حفزني وشجعني للحديث هو ما أجده من مُغريات وإثباتات توضح وتدعم مُعتقداتي وأفكاري، والتي قد تحدثت عنها في مقالات سابقة، ولنا في مقال “شاهد عيان في زمن كورونا” نموذج على ما أقول، ففيه وضحت الفروقات الكبيرة والجمْة بين الجهود التي قامت بها مملكتنا الحبيبة وبين دول أخرى تٌعرف بأنها مُتقدمة؛ واتضح غير ذلك، ناهيك عن الاختلافات في التعاملات الإنسانية بين من طبقها بحذافيرها وبين من فقدها ولم يُجيد استخدامها؛ مؤكدًا على أن “الحقائق الغائبة تتضح وتظهر وقت الأزمات”، ولنا في الحرب الروسية والأوكرانية نموذج بين التنظير الذي يُمارسونه منذ سنوات وبين التطبيق، فعلى سبيل التوضيح والتأكيد ظهرت حقيقة الشعارات الوهمية والزائفة والتي تغنوا بها كثيرًا، وأجادوا لحنها على مدى سنوات، حتى تم وضعها أمام الجميع في مقام النظام والقانون؛ وهي التي تتحدث عن فصل السياسة عن الرياضة، وأنهما مجالان لا يمكن الجمع بينها ومُختلفان تمامًا، بل أكدوا على أن ما تفسده السياسة تُصلحه وتُجمله الرياضة؛ وعلى النقيض تمامًا ما حصل في الأزمة السياسة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا، عندما تم فرض أول عقوبة على دولة روسيا، وكانت رياضية من خلال حرمانها من المشاركة في كأس العالم (2022) نتيجة دخولها الحرب مع أوكرانيا رغم أن المسألة سياسية بحتة، ولم يقف الأمر إلى هذا الحد بل تجاوز حتى وصل لمحاسبة المُستثمرين أصحاب الأموال والأعمال ممن يحملون الجنسية الروسية وذلك بتجميد أموالهم ومُمتلكاتهم؛ ولنا في التعامل العنصري المُمتن وغير الإنساني مع “رومان إبراموفيتش” مالك نادي تشيلسي، والذي أفنى (19) عامًا من عُمره وحياته وماله؛ حتى يصل بهذا النادي إلى المكانة التي جعلته من أفضل أندية العالم ومن أكثرها شعبية؛ وهو الذي لم يكن معروفًا، ومن أندية الوسط قبل امتلاكه من عرابه رومان، بل إن آخر إنجازاته هو تحقيقه لأفضل أندية العالم نظير حصوله على كأس العالم قبل شهر من الأزمة، والمُزعج في الأمر هو نتيجة كل هذه الجهود التي قام بها هذا المستثمر الروسي والإنجازات التي حققها لدولة بريطانيا، هي معاقبته بتجميد ممتلكاته ومن بينها نادي تشيلسي الإنجليزي، وحظره من السفر، ورفضهم لبيع النادي؛ بالإضافة إلى رفض تجديد عقود اللاعبين حال انتهائها، وعدم السماح لهم بضم لاعبين جُدد للفريق أو جلب بضائع أو أدوات للنادي؛ بالإضافة إلى ذلك حرمان النادي اللندني من بيع أي تذاكر أخرى للجماهير ؛ حيث سيتمكن حاملو التذاكر الموسمية فقط من حضور مباريات الفريق، وجميع هذه العقوبات المذكورة وضعت فقط بسبب جنسيته الروسية، الأمر الذي يوضح مدى هشاشة الديموقراطية الغربية ومدى ارتباط المجال السياسي بالرياضة؛ حيث اتضح أنهما وجهان لعملة واحدة، أخيرًا مثل هذه الأمور وتبيانها للجمهور أمر مهم وضروري لمعرفة سياساتهم العوجاء والمُتغيرة متى دعت الحاجة والمصلحة لذلك، كما أنها تقدم دروسًا فيها الكثير من العظة والعبرة والعلم بحقيقتهم المُرة، والتي قد تكون غائبة لدى البعض نتيجة التأثر الكبير وغير المُبرر بهم.
1
صدقت د. عمرو