مع المُباركة على الثقة الملكية الغالية والتمنيَّات بالتوفيق لمعالي الرئيس التنفيذي الجديد للهيئة الملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة د.توفيق الربيعة، وبعد مُراوحة الإدارة السابقة لمكانها طوال الخمس سنوات رغم الصلاحيات الواسعة غير المسبوقة للهيئة لأسباب منها اللجوء لاستراتيجية “تفويض الجهات” بدلًا عن تولِّي الهيئة مسؤولياتها مُباشرةً، الأمر الذي أنتج فعاليات ضعيفة لا تُناسب الإمكانيات والصلاحيات الواسعة للهيئة الملكية ..
والحمدلله أننا لمسنا التفاعل الإيجابي والسريع بالتغيير من قيادة الهيئة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الهيئة الملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة حفظه الله تعالى، بتكليف معالي الوزير الناجح والمُوَّفق د.توفيق الربيعة، الذي يَطمح مِنهُ الخُبراءَ والمُهتمون والأهالي مراعاة قائمة الأولويات العاجلة المُتاثرة بالتأخير ..
ومن أبرز علامات الاستفهام على مسيرة فعاليات الهيئة السنوات السابقة ضعف الارتباط بِمُخرجات “المخطط الشامل لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة” المُعتمد من مجلس الوزراء، رغم حِرص الإدارة السابقة على تحديثهِ وتفعيله من خلال إحدى الشركات الكُبرى، لكن تأخير التحديث واعتماد التفعيل أدَّى لظهور فعاليات لا توازي ولا تتوافق مع مُخرجات المخطط الشامل المُعتمد لمدينة مكة المكرمة، وخاصةً المشروعات المطروحة حاليًا من شركة “كِدانة” في المشاعر المقدسة !!
ومن أهم أولويات قائمة العمل المأمولة من معالي الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية دعمه الشخصي لجهود تحديث وتفعيل مُخرجات المخطط الشامل لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة المُعتمد سابقًا، بمراعاة ملاحظات الخُبراء والمُختصين المُشاركين في ورش عمل المراجعة مع اللجان والاستشاري، للوصول لِمُخرجات واقعية وطموحة في نفس الوقت وتنطلق من المُخطط الشامل المُعتمد .. ولعلَّ أهم هذه الأولويات ما يلي:
١- مُراجعة مشروعات تطوير المشاعر المقدسة، والتأكد من المنهجيَّة التخطيطية الشمولية لا الجُزئية، لتحقيق الاستيعابية لخمسة ملايين حاج في الموسم، وتقديم خدمات الاستضافة للزوار والمعتمرين طوال العام، بالانطلاق من “خُطة تطوير المشاعر المقدسة” المُعتمدة سابقًا.
٢- مراجعة الشمولية التخطيطية لشبكة النقل العام بكافة مجالاتها (المترو/الحافلات الترددية/ممرات المشاة)، والتأكد من ربطها بين العناصر الرئيسية الثلاثة (المشاعر المقدسة/الحرم المكي الشريف/الأحياء السكنية) في أنحاء مدينة مكة المكرمة.
٣- مراجعة تنظيمات استعمالات الأراضي وارتفاعات المباني في الأحياء والطرق والمحاور الإشعاعية بالانطلاق من تقرير المخطط الشامل، وخاصةً المشروعات الكُبرى في المنطقة المركزية والبديلة عن الأحياء العشوائية.
٤- الاستفادة من الخصائص البيئية الطبيعية لوديان مكة المكرمة ومساقط مياه الأمطار الستة (وادي إبراهيم الخليل/وادي عرنة/وادي منى/وادي نعمان/وادي فاطمة الجنوبي/وادي فاطمة الشمالي)، لخلق فرص ومشروعات بيئية استثمارية من تجميع مياه الأمطار السنوية بتخزينها في صهاريج طبيعية والاستفادة منها في منتزهات عامة بالمشاعر المقدسة وجنوب غرب مكة للسكان والزوار.
٥- دراسة وتقييم العيوب التخطيطية والتنفيذية لمشروعات الطرق الدائرية الأربع والمحاور الإشعاعية، والتعجيل في إنهائها حسب المعايير الفنية، لخدمة ملايين الحجاج والزوار المتوقع خدمتهم في رؤية المملكة.
٦- دراسة ومراجعة جهود شركة النقل العام للتأكد من جاهزية محطات حافلات النقل العام ومساراتها حسب المواصفات العالمية، ودراسة أسباب تعثر مشروع “مترو مكة”، والإسراع في بدء التنفيذ حتى يتم ربط المناطق السكنية للحجاج والمعتمرين والمناطق السكنية بالحرم المكي الشريف والمشاعر المقدسة.
٧- العمل على “أنسنة” الطرق الدائرية والشوارع وممرات المشاة في مكة المكرمة بموجب المعايير الفنية في المخطط الشامل لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، لرفع مستوى السعادة والرضا للسكان والزوار .
٨- العمل على جعل المنطقة المركزية صديقة للبيئة بدعم خدمات تنسيق المواقع (landscaping)، وزيادة نسبة المسطحات الخضراء والتشجير للتخفيف من تلوث الهواء الناتج عن النقل العام وازدحام الحشود البشرية.
٩- الاستفادة من العُمق التاريخي لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وتطوير كل المواقع التاريخية للاستفادة منها في “برنامج إثراء التجربة” من خلال فعاليات سياحية دورية تناسبة مكانة البلد الحرام وتكون مستمرة طوال العام.
١٠- وضع خُطة تنفيذية لتحويل مكة المكرمة والمشاعر المقدسة مدينة رقمية ذكية تُساهم مشروعاتها في تنظيم ومراقبة حركة النقل والخدمات، وتضع البلد الحرام في موقعه الريادي على مستوى العالم.
(خبير المخطط الشامل والإقليمي)