المقالات

التمريض العالمي والفرص والتحديات

يوم 12 مايو من كل عام يحتفي الممرضون والممرضات بيوم التمريض العالمي، وقد حدد هذا اليوم للاحتفاء بجهود كوادر التمريض، ولدورهم الهام في تقديم الرعاية الصحية وتأثيرهم الكبير على جودة الخدمات الصحية المقدمة في المجتمع. ليس بغريب أن يكون تأثيرهم كبيرًا؛ حيث إنهم يشكلون أكبر كادر صحي في أي منظومة صحية يصل إلى 65%؛ لذلك نرى العديد من رواد الجودة الصحية يرددون ويحرصون على أن يكون كوادر التمريض ذوي كفاءة تعليمية ومهارية، وينبهون بعدم الاستخفاف بذلك لأن له مترتبات وخيمة على أرواح البشر.

نعم أرواح البشر التي لها قدسيتها ومكانتها والتي وردت في القرآن الكريم في سورة المائدة (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا). وهنا الآية واضحة في أن أي تبعات قد تؤدي إلى قتل أو انتهاك للنفس؛ فذلك يعد قتلًا لروح بريئة. ومن هذا المنظور وفي يوم التمريض العالمي أعرج على أهمية التمسك بجودة التعليم التمريضي بالمملكة، والذي تنتهجه ولله الحمد العديد من الجامعات والكليات السعودية تحت مظلة وزارة التعليم. إن جودة التعليم التمريضي يعد فرصة كبيرة لتجويد الرعاية والخدمات الصحية بالمملكة للحفاظ على أرواح البشر، والاستثمار في كوادر التمريض يعد فرصة أيضًا لتحقيق العديد من برامج التحول الوطني، وأيضًا العديد من محاور رؤية المملكة الطموحة 2030 مثل جودة ورفاهية الصحة للمجتمع.

التعليم التمريضي بالمملكة من خلال الجامعات والكليات وصل لمراحل متميزة؛ فنجد أن خريجينا يتم قبولهم مباشرة للابتعاث في أكبر الجامعات العالمية وبدون أن يطلب إعادة أو دراسة مواد إضافية. تعليم التمريض بالمملكة يتم اعتماده من مؤسسات تعليم التمريض العالمية المتميزة وبجدارة. تعليم التمريض بالمملكة يُشار له بالبيان لذلك لنقف في يوم التمريض العالمي للتنويه بأهمية الحفاظ على هذا الموروث الهام للتمريض من أجل المجتمع وصحته ورفاهيته.

على رغم وضوح أهمية جودة تعليم وتدريب التمريض، ولكننا نجد اليوم وبكل أسف من ينادي بأن التمريض ليس من المهم أن تكون سنواته للتعليم أربع سنوات نظرية أو بما يعادل على الأقل عدد 120 ساعة تدريسية، وليس من المهم أن يكون له تدريب سنة امتياز وليس من المهم أن يكون له مواد تأسيسية وليس من المهم أن يكون له تدريب خلال الدراسة، وليس من المهم وليس من المهم وليس من المهم وليس من المهم وليس من المهم وليس من المهم وليس من المهم…….عفوًا الكلمات تكررت عن قصد وعمد؛ لأن فعلًا سمعناها بهذا التكرار وأكثر من أفواه لاتعرف أن التمريض مهم ومهم ومهم للجودة الصحية ورعاية المرضى والأصحاء بالمجتمع أو قد تعرف ولكن لا تود أن تعرف. والسؤال لماذا التمريض؟؟ أهو بسبب الاحتياج نتغاضى عن الجودة والكفاءة؟؟ عوضًا عن تعزيز تعليم التمريض ودعم فرص الجودة والكفاءة وبذل كل السبل لذلك؟؟

من المهم أن نتأكد من كفاءة تعليم التمريض مثل كل التخصصات الصحية ومدى مواءمته مع المتطلبات العالمية وبالدرجات العلمية المرموقة لضمان كفاءة وجودة الخدمة الصحية بالمنظومات الصحية. حتى نسب العاملين في هذا المجال لابد من حساب نسبهم؛ بحيث تكون نسب الحاصلين على الدراجات الجامعية أكثر من الدبلومات والشهادات الفنية، ولا يكون تهاون في ذلك حتى لا نقع في مترتبات جسيمة على مستوى الخدمة والرعاية الصحية.

إن العناية التمريضية هامة، وقد يؤدي عدم الكفاءة فيها إلى هدر الأرواح بالأخطاء التمريضية الوخيمة التي كان يمكن تفاديها بتعليم ذي جودة وكفاءة تدريبية. بلا شك كلما زادت سنوات التعليم والتدريب تزيد فرص الكفاءة والجودة وبالتالي ينعكس على أداء المنظومات الصحية التي تقدم الرعاية الصحية. حقيقة لا نطمح أن نعود بأدراجنا سنين من العمل الدؤوب في تطوير وتجويد تعليم التمريض لنراه كأن ولم يكن. في ظني يوجد العديد من العقلاء الذين يدركون الخطر في التهاون في جودة تعليم وتدريب التمريض، ويدركون التبعات المستقبلية على الوطن، وهذا ما يجعلنا نطمئن لتطبيق مبدأ لا للكم العددي لكوادر التمريض بدون ضمان الجودة والكفاءة بأي حال من الأحوال خاصة أنها من المهن التي تمس أرواح البشر. نطمئن أن العديد من العقلاء يعرفون أن دورهم في تأطير تدني جودة التعليم التمريضي سيدخل في منحى الآية الكريمة (فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا).

فرصة في هذا اليوم أن نجدد ونؤكد على أهمية الحرص على تعليم وتدريب التمريض ومخرجاته وأهمية دعم وتبني خطط الجامعات؛ لتتمكن من تخريج أعداد حسب تطلعات وحاجة سوق العمل لسد الاحتياج للمجتمع من خلال تقديم تعليم تمريضي متميز، وبما يضمن تخريج ممارسسين ذوي كفاءة تعليمية قادرة على الرقي بالخدمة الصحية والتطلعات المستقبلية. كما وبالنهاية نقدم الشكر والثناء لكل الممرضين والممرضات في المملكة والعالم، وأيضًا لكل الداعمين لهذه المهنة الإنسانية التي يعول عليها القطاع الصحي.

ويوم تمريض عالمي سعيد للجميع.

• عميدة كلية التمريض بجامعة الملك عبدالعزيز
•رئيس الجمعية العلمية السعودية للتمريض

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button