لم يشهد العالم في تاريخه الطويل عاصفة عاتية مثل عاصفة الإرهاب والتطرف، تلك العاصفة أرملت النساء وأفقدت الأولاد والبنات الآباء، واستبدلت الأمن خوفًا، والغنى فقرًا.
الإرهاب عدو للإنسانية لأنه لا يفرق ببن كبير وصغير، ولا قريب وبعيد، الكل سواء، لأنه نابع من قلب متكبر جبار لا يؤمن بيوم الحساب.
والمشكلة في قضية الإرهاب هي أن الكثير يتجاهلون عن أمره، فتراهم يرون الإرهاب العسكري دون الإرهاب الفكري، مع أن كليهما يصبان في إناء واحد، وهو إناء التدمير والتخريب.
فلو أردنا الحديث عن الإرهاب الفكري لابد أن نعلم أنه يبدأ من التفكير؛ وذلك نتيجة دوافع كثيرة إما فهم سيئ لنصوص القرآن والسنة دون وعيها والتذوق بمعانيها العظيمة، إما بأمراض نفسية كفقر وطلاق واتباع شهوات وغيرها فيريد صاحبه إشباع غريزته، فمن هنا يلجأ إلى إكمال مشروعه الفكري الانحرافي بالتفجير والتدمير، فيقتل فيه الأبرياء باسم الدين، والدين بريء من فعله الشنيع.
لولا الجماعات والمنظمات التي لا تقبل التعددية الثقافية أو الفكرية في المجتمعات لمًا توسعت دائرة الإرهاب بهذا الشكل الذي نراه في العالم اليوم مع التقدم الموجود حاليًا؛ حيث صار العالم في تقارب أكثر من ثانية.
فلما استولت على مؤسساتنا الإسلامية والثقافية والإعلامية من لا يؤمنون سوى مشروع الطائفية الدينية وإعادة الخلافة – كما شاهدنا – بما يسمى بالربيع العربي، وهو ليس ربيعًا عربيًا بل هو دمار شامل للمنطقة العربية، فتدهورت الأوضاع، وانتشر سرطان الإرهاب في جسم الأمة، وأخذها الشلل، ثم انطلق إلى خارج الأمة، وشوه سمعة ديننا الإسلامي الحنيف، بل الأمر جعل الآخر ينظر إلينا بعين الكراهية والاحتقار.
ولكن بفضل الله تعلى وًجٍدَ في الأمة رجال أوفياء، في تحمل المسؤولية أمناء، لأنهم يشعرون أن دورهم في خدمة دينهم الحنيف يجب أن يكون بعزم وهمة دون خوف أورياء.
فمن بينهم معالي الدكتور الشيخ عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ – حفظه الله- وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، صاحب المبادرات الطيبة، والمشاريع الناجحة في خدمة الوسطية والاعتدال ومحاربة التطرف والإرهاب قبل توليه قيادة الوزارة وبعدها.
استطاع – حفظه الله- أن ينظر إلى الإرهاب الفكري على أن من استئصال جذوره توحيد العمل الإسلامي وفق المفهوم الإسلامي الواسع الذي يحترم الإنسانية بغض النظر عن اللون والانتماء، فجعل دوره تقريب الوزارة إلى العالم الإسلامي حاملًا رسالة واضحة للمملكة العربية السعودية التي هي قبلة المسلمين مهبط الوحي، ومأوى أفئدة المسلمين.
زار الكثير من الدول لإقامة تعاون مستمر في خدمة الدين على نهج الكتاب والسنة اللذين لم يختلفا يومًا من الأيام في دعم الكرامة الإنسانية جمعاء، فنال – حفظه الله- شرفًا عظيمًا لدى العالم الإسلامي.
وإن مما يؤكد مكانة معاليه دوليًا وإقليميًا وإسلاميًا ما حظي به من تقدير واحترام في المؤتمر الإسلامي العالمي 32 الذي نظمه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، وجاء ذلك نتيجة جهود قام بها، ومسافات قطعها للوصول إلى الأمن والاستقرار.
وإن كانت المملكة العربية السعودية توضع في مقدمة الدول التي حاربت الإرهاب، فنحن نقول: إنها بجهود وزير الشؤون الإسلامية الدكتور الشيخ عبداللطيف آل الشيخ تم استئصال جذور الإرهاب، بمحاربته فكريًا ببرامج متنوعة من توحيد خطبة الجمعة في المملكة وندوات ومحاضرات، وزيارات ومؤتمرات عالمية برعايتها في الخارج.
كل ذلك في تنفيذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-.
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا.