أنت أضعف من الطغاة الهالكين ممن سبقوك بالتجاوز والعناد وتحريف القرآن الكريم والشك في النبي ورسالته الخالدة وإن كنت تشابهم كثيراً في الشقاء والعناء، وانت أضعف من حشرة حقيرة صغيرة لاترى بالعين تقف على جزء من جسدك أو تدخل إلي جوفك فتؤذيك وتعمل بك ماتشاء من الألم والتعب والضجر بأمر ربها وأنت تعجز عن منعها ولا تستطيع الحراك أمامها وكأنك كالمشلول في جل أطرافه، وأنت أضعف من مرض مزمن يستقر في عمق أحشائك أو في بعض جوانب جسدك فيفتك بك بكل قوة بإذن مولاه لايرحم فيك حالك المضني ولا يشفق على صرخاتك المؤلمة ولا توسلاتك الحزينة، وأنت أهون على الله في كل الأحوال طالما تجاوزت حدودك وحاربته بكلمات واهيه ظننت في نفسك أنك تحاكي محكم التنزيل وهيهات وهيهات بعد أن صور لك الشيطان أنك ملهم عصره وأنت في الحقيقة مسيلمة زمانه أيها المتكبر المتعجرف. أنت تعيش في التيه النفسي حتى لو أبديت غير ذلك وسوف تضيق عليك أرجاء الدنيا بأوجاعها والآمها حتى تشعر أن لارحابة في هذا الكون الفسيح، وأن الأرض الواسعة ماهي في الواقع إلا سجن قابض على أنفاسك رابض على أضلاعك. وأنت البؤس في أوسع معانيه حتى لو تمثلت السعادة زوراً، وأنت التعاسة في أقرب مضامينها حتى لو أدعيت السرور كذباً، وأنت شر خلق الله من حيث تدرك أو لا تدرك، ولا ينبغي عليك أصلاً أن تدرك لأنك والله في ظلمات بعضها فوق بعض. وننتظر أمر الله فيك في الدنيا قبل الآخرة أيها الآثم الظالم.
يعتقد المتكبر الآثم بما وهبه الله من قدرات ومواهب، وبما أحاطه من ثقافة واطلاع، وبما أكرمه من مال ونعم، وبما يسر له من منصب وشهرة أنه بالإمكان التجاوز في الحد سواء في نظراته البسيطة، أوتفكيره القاصر، أو تأملاته المحدودة. وأنه باستطاعته الإتيان بكلمات ساذجة سطحية لا وزن لها ليظن أنها تُشابه القرآن الكريم في معانيه ولغته ومقاصده وحكمه وهذا بطبيعة الحال؛ لحماقته فقد سبقه من أنشأ كلمات من القبح، وكلمات من الحماقة، وكلمات من الجهل؛ ليثبت أنه نبي مرسل وأن الوحي نزل عليه ليضل به فقط أصحاب الأهواء الفاسدة مثله فكان مهلكه عبرة لمن يعتبر. وذهب مع من ذهب إلي مزابل التاريخ النتنة. وأنت أيها الكذاب الجديد في عصرنا الحديث ألا تتعظ من هذا الهالك فلم ينفعه لسان حاد، أو فكر شيطاني، ولم تنفعه فئة فاسدة كأصحابك تماماً وكلكم سواء فزمرة الشقاء واحدة. فكيف بربك تتجرأ في كتابة كلمات شيطانية تتدعي أن مثلها مثل آيات القرآن الكريم، وكيف تنشرها على الملأ وهم شهود عليك وأنت تعتقد أنك ذلك الإنسان الملهم، وفريد زمانك وأنت أوحتى غيرك لم ولن تؤتى من العلم إلا قليلاً، ولو أُعطيت المزيد من العلم فلن تستطيع أن تأتي بآية واحدة محكمة أيها الضال المضل. ومن باب الإشفاق على نفسك لأنك جاهل بحالك أتعلم أن باب التوبة مفتوح لما اقترفته من ذنب هذا إذا تشعر بواقعك المؤسف، وإذا لم تشعر إلا حين تبلغ نهايتك فبكل تأكيد حينها لا ينفع الندم. اللهم لا تفتنا في ديننا وأنت أرحم الراحمين.
قال تعالى في محكم التنزيل( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) الأنفال(31).