المقالات

المنهج التكاملي في التربية الحديثة مدخل لتحقيق رؤية 2030

لم يعد المفهوم القديم للتربية كافيًا؛ ليغطي مفهوم التربية الكامل في العصر الحالي، فقد أﺻﺒﺢ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﻣﻦ العملية ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ إعداد الفرد إﻟﻰ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺑﺘﺨﻄﻲ ﺍﻟﻌﻮﺍئق ﺍﻟﻌﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﻮﺍﺟهه، وأن يتمكن من التعلم ذاتيًا، فمن الوظائف الأساسية للتربية الحديثة هو أن يقوم المعلم بإيصال العمل التعليمي أو العملية التربوية إلى مرحلة يصبح فيها المتعلم في غنى عن المعلم. لذلك يتضح مدى كفاءة المعلم في مدى استغناء المتعلم عنه؛ ولذا تهدف التربية الحديثة إلى مساعدة الفرد على أن يظل متكامل الشخصية؛ وذلك من خلال ما تقدمه له من معارف ومعلومات وقيم واتجاهات وميول ومهارات مختلفة وأساليب تفكير سليمة وغيرها مما يمكنه من التكيف مع بيئته التي يعيش فيها.
ولما كانت المناهج وسيلة التربية في تحقيق أهدافها؛ فتكون الحاجة ماسة إلى منهج جديد يحقق هدف التربية الحديثة، والمتمثل في الأخذ بيد المتعلم نحو نمو متكامل يشمل جميع جوانب شخصيته، ويسعى المنهج التكاملي إلى تقديم المعرفة للمتعلم بشكل متكامل يشبه ما يتعرض إليه داخل الحياة اليومية، كما يعمل على رفع مستوى المعلمين، بالإضافة لعدم وجود التكرار فيه، كما أنه من المناهج التي تتمتع بالمرونة الكبيرة، الأمر الذي يجعل من تقبله أمرًا سهلًا بالنسبة للمتعلم.
وبناء عليه ظهرت في الآونة الأخيرة العديد من المحاولات التي هدفت إلى التكامل بين المناهج والمواد الدراسية المختلفة كسبل لتطوير المناهج بشكل يساعد على بناء الشخصية المتكاملة للمتعلم، وبشكل يساعد على توظيف ما تعلمه بطريقة مبدع لمواجهة التحديات والمشكلات التي تواجهه في حياته، ويكون قادرًا على التنافس المحلي والإقليمي والدولي.
وهذا ما يسعى له المنهج التكاملي في العملية التعليمية من تناسق وترابط بما يقدمه من محاور معرفية، وأنشطة تعليمية، وأساليب مخططة، ومنظمة تسعى إلى تنمية شخصية الفرد، وتجعله قادرًا على القيام بأدواره المستقبلية في مجتمعه، وصولًا إلى تعليم متميز يتوافق مع رؤية المملكة 2030
ومن انعكاسات ذلك التوجه برنامج (STEM)، وهو من البرامج الحديثة التي تسعى نحو التكامل في مجال التربية العلمية والتكنولوجيا والذي يحقق توجيهات رؤية (2030) من ضرورة النهوض بمستوى طلابنا في العلوم والرياضيات؛ ليتمكنوا من المنافسة في الاختبارات الدولية (TIMSS) وإتاحة التعليم الجيد لكافة شرائح المجتمع، والمواءمة بين مُخرجات التعليم ومُتطلبات سوق العمل، وإيجاد بيئة تعليمية تُشجّع على البحث والابتكار.
ومن هذا المبدأ؛ فقد يكون من الأهمية بمكان أن يتم التوجه للتكامل في كافة المناهج الدراسية بالمملكة العربية السعودية، والذي يعد رافدًا قويًا للاكتشافات العلمية والابتكارات التكنولوجية، ومساعدًا على تعزيز المنافسة العالمية في عصر ترقى فيه المجتمعات، وتتقدم بقدر محصولها من الإنتاج العلمي والتقني.
——————-
باحثة دكتوراة في الإدارة التربوية – جامعة أم القرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button