قد تستغربون من هذه التسمية ” صار بيضة ” وحتى لا نكلفكم عناء البحث إنها غابة رغدان الشهيرة التي تعتبر اليوم وجهة سياحية فريدة بمنطقة الباحة ولا علم لي عن سبب التسمية الأصلية إلا أن كلمة صار وأحيانا تعرف بأل التعريف وتطلق عادة على الجبال والمواقع التي تكسوها أشجار العرعر والطلح والزيتون البري وقد تسمى بالفيض والحمى وهذا يعني أن هذا الموقع تعود ملكيته لأهالي القرية التي يشترك سكانها في ملكيته وقد يتخلله أراضي زراعية كما هي هذه الغابة التابعة لقرية رغدان وكما هو اليوم منتزه الأمير مشاري بمحافظة بني حسن التي اسمها ” الزرائب ” سابقاً وهي مشتركة بين أهالي قريتي خيرة وقرن ظبي بطريقة متفق عليها قديما تحفظ ملكية المزارع والأشجار التي عليها بحسب اتفاقيات قديمة جدا يسمّونها ” الشدّات ” وفي ظل التنمية السياحية وأسباب الترحال بين أمهات المدن والمناطق الجبلية بحثاً عن الجو المعتدل بعد أن وفرت الدولة الطرق التي تربط بين هذه المناطق ووفرت المطارات التي تنقل الركاب إليها طمعا في قضاء أجازاتهم الصيفية بالذات في هذه المناطق كالباحة وعسير وجبابل الطائف التي تتمتع بأجواء معتدلة صيفا فتحولت هذه الغابات إلى مواقع سياحية تخدم الصالح العام وخاصة بعد أن اندثرت الزراعة وتنوعت سبل الحياة الكريمة بعيدا عن الاستفادة السابقة من أخشاب هذه الأشجار لغرض بناء أسطح البيوت القديمة المبنية بالحجارة المحلية وتم استبدالها بالبيوت الحديثة المسلحة فأصبحت هذه الغابات مكانا للتنزه والسياحة .
نعود لمحور الحديث الذي يعود بذاكرتي لما يزيد عن نصف قرن عندما كنا نذهب لقرية الظفير ونقطع عشرين كيلو مترا تقريبا سيرا على الاقدام بعد المرحلة الابتدائية إلى متوسطة الظفير ذهاباً وإياباً من مقر سكني في بيضان القريبة من غابة رغدان الحالية ” صار بيضة “سابقا حيث كنا ندخل هذه الغابة مجموعات من الخوف لشدة اكتظاظها بالأشجار بدءا من جهتها الغربية مما يحاذي جبل الحجير الحد الفاصل بين بيضان وهذه الغابة وقطعها باتجاه الشرق حتى نشرف على نهايتها باتجاه حديقة الأمير محمد بن سعود حاليا القريبة من قرية الزرقاء حينها وقد لا تصدقون أنها كانت مظلمة لا نرى السماء ولا الشمس ونحن نمر بالطريق الوحيد الذي يتوسطها بسبب كثافة الأشجار التي تغطيها مع شدة الاخضرار وكثافة الشجيرات الأرضية العطرية منها والزهرية وكنا نجد فيها شخصا يحرسها من أهالي قرية رغدان من عدم التعدي عليها بالاحتطاب مقابل أجر يعطونه أهالي رغدان أمام حفاظه عليها وهو يجوبها ليلا ونهارا بحس الحارس الأمين الذي كان يدعى بـ ” السابر ” إلى درجة أنه كان ينام داخل هذه الغابة وهي وسيلة لكثير من المواقع مثيلاتها في المنطقة بل وكان هناك معاهدات بين بعض القرى بعدم التعدي على الأشجار والرعي في ما يسمى بالحمى الذي يجعلون منه مكانا للرعي والاحتطاب وقد يصل لبيع الأخشاب وقت الضرورة لا ينفرد به شخص بعينه بقدر ما هو مكان مشاع بين الأهالي كما حصل في وثيقة قديمة خرجت قبل أشهر في اتفاقية بين أهالي قرية العفوص وبعض قرى بيضان بمحافظة بني حسن موقعة بشروط واضحة تمنع الاحتطاب والرعي في الجبال المحيطة والتي تعلو منتزه جدر اليوم وكأنهم بهذا سبقوا الوقت المعاصر في حفاظهم على البيئة وسن القوانين العرفية بتصديق شيوخ القبائل وعراف القرى وأمنائها للحفاظ على البيئة والغطاء النباتي بدءا من الحشائش الصغيرة وانتهاء بالشجيرات والأشجار الكبيرة الدائمة الخضرة طوال العام .
نعود لغابة رغدان الحالية والكثير من الناس يتساءلون بحرقة عن أسباب التجريف والتعدي على أشجارها التي كانت تغطيها بالقطع بل والاجتثاث من جذورها بعد أن قاومت تغير المناخ وقاومت مئات السنين وهي تظل ما تحتها بهاماتها الخضراء واليوم وبالذات في وسط الغابة تتحول من غابة إلى مساحات ترابية بهدف الاستثمار المادي وتحويلها من غابة مظلة إلى أكشاك ووسائل لترفيه الأطفال حتى انكشف سترها الشجري بمساحة ضيقت على السيّاح ومرتاديها من داخل المنطقة وقريبا من خارجها الذين وجدوا معظم مساحات الغابة المتاحة تحولت لطرق للسيارات ومشروعات استثمارية لا تتيح الجلوس لعامة من يدخلها من العائلات فضلا عن إنشاء ميادين وطرقات ومماشي تخللتها زادت من الصلع الشجري الذي غير معالمها عدا شماليها الذي مازال دون التنظيم الذي يسمح بالجلوس تحت الأشجار التي تكسوه ولكن بمنحدر قد لا يسمح بالجلوس كما هو المكان المنبسط الذي تم استغلاله لهذه المشاريع .
ومع وجود مساحات خارج الغابة بيضاء كما هو الموقع الذي يعلو حديقة الأمير محمد بن سعود شرقي الغابة كذلك مساحات غرب الغابة أسفل جبل الحجيّر كان بالإمكان استغلالها لهذه المشروعات بدلا من تعرية وسط الغابة لهذه الغاية التي أخلت بشكلها وبمنفعتها التي تنحصر في وجود الظل الوارف للمتنزهين ولكن مع الأسف تم تعريته من قبل الجهة ذات العلاقة وتم استغلاله تجاريا ولم يؤخذ بعين الاعتبار الهدف الرئيس من هذه الغابة الجميلة سابقا المتحورة المتحولة أجزاء منها حاليا بهدف الاستثمار .
النظام لا يتيح لأي أحد قطع الأشجار حفاظا على الغطاء النباتي وخاصة في ظل التوجه العام الذي يستند لرؤية المملكة 2030م الذي تتضمن تكثيف زواعة الأشجار وتحويلها من صحراء إلى خضراء والسعودية الخضراء هي مبادرة سعودية أعلن عنها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 27 مارس 2021م تهدف لرفع الغطاء النباتي وبموجب هذا النظام فقد وضعت الجهات ذات العلاقة غرامة تصل للملايين لمن يثبت عليه الإخلال بالغطاء النباتي ومنه قطع الأشجار فيما نتساءل هل يجوز لجهة ما قطع الأشجار وبكميات تخل بنظام وصورة المكان كما حدث ويحدث اليوم في غابة رغدان لأغراض استثمارية ! ؟ بالتأكيد فإن هذه الجهات يجب أن تكون قدوة للمواطنين فلا تبيح لنفسها ما تحرمه وتجرمه على غيرها وحتى يكتمل عقد التواصي والتطبيق للأنظمة فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن يتم كل عام اجتثاث عشرات الأشجار حتى نصل إلى يوم تتحول فيه هذه الغابة ومثيلاتها إلى مساحات مفتوحة مكشوفة بقصد الاستثمار المادي على حساب المشهد الذي تتميز به هذه المواقع وتتميز به مناطق الاصطياف ومنها منطقة الباحة ذات الأربعين غابة .
ومع ذلك وللأسف فإن الجهة الاستثمارية ومن خلال مشاهدتي للمشروع الذي يقام هذه الأيام فإن التشوه البصري يفوق كثيرا على الجمالي وذلك بسبب الأدوات التي يتم استخدامها حشف وسوء كيل كما يقال إذ معظمها رجيع شبه تالف تم نقله من مواقع أخرى إلى داخل الغابة مالم يتم تغيير صورته الحالية مستقبلا بمتابعة الجهة المشرفة على إنشاء هذه الأكشاك التجارية التي ستحول المكان إلى سوق لبيع كثير من المنتجات المحلية والقادمة من المناطق الأخرى علما أنها كانت قائمة سابقا من غير هذا التحويل لوسط الغابة الذي أفقدها الكثير من مقومات الظل والأرض المكسوة بالعشب الأخضر طوال العام .
انعطاف قلم :
نقرع الجرس إلى أمانة الباحة المعنية بتطوير هذه الغابة ونرسل النداء إلى أمينها الدكتور علي السواط الذي أشكره شكرا خاصا لاستجابته لما نبديه من ملاحظات عبر الواتس والتجاوب السريع بأن يقوم بزيارة للغابة ويشاهد ما يحدث ويوجه بالالتفات لشرقي الغابة الذي تم إغلاقه ولم تصله يد الترميم رغم اقتراب عطلة الصيف وتوافد السيّاح للمنطقة برجاء عودة المواقع فيه إلى سابق عهدها لاستقبال مرتادي الغابة بعد أن ضاقت بهم السبل في افتراش وسطها وبعض أجزائها بسبب التغيير والاستثمار القائم .
في تجاوب مشكور من أمين منطقة الباحة الدكتور علي السواط بعد اطلاعه على المقال أوضح أن المكان موضع المقال وسط غابة رغدان كان عبارة عن مساحات ترابية عليها سور ومباني قديمة شبه متهالكة كانت مستثمرة سابقاً ومغلقة موضحاً أنه لم يتم قطع الأشجارالمتبقية فيه من السابق وأن الأمانة وتوابعها حريصة على إبقاء الغطاء النباتي كما هو والمحافظة عليه واستثماره لصالح السياحة بنا في ذلك بين القرى كما هو في قرية رغدان ومن باب الأمانة الحرفية فوسط الغابة فعلاً تم استغلاله من عشرات السنين حتى وصل إلى ما وصل إليه اليوم ولذا لزم التنويه مع شكرنا لرحابة صدره ونقاشه حول الموضوع الذي يتعلق بالصالح العام .
اتمنى من أمانة منطقة الباحة أن لا تفتح طرقاً للسيارات داخل غابة رغدان الشمالية وبقية الغابات في المنطقة ويكتفى بجعل طرقاً لسير المشاة فقط وتحديد مواقع للجلوي بدون تأثير على الأشجار وذلك حفاظاً على الأشجار والمساحات الخضراء حتى يعيش الناس أجواء الغابات الطبيعية بعيداً عن ازعاج السيارات وتلويثها ويكتفى بنشر الإضائة ودورات المياه بدون تأثير على الغطاء النباتي ويعمم ذلك على جميع غابات المنطقة وتكون الملاهي ومناطق الخدمات والأغذية والأكشاك في اماكن غير مؤثرة على الغابة ومنظرها العام……
شكراً للصحيفة وللكاتب اهتمامهما بالمنطقة طبعاً موضوع غابة رغدان فعلاً يحتاج لإعادة نظر وجعلها للمواطنين والقادمين من خارج المنطقة لغرض السياحة وربما بعد اسبوع تبدأ وفود السياح والعائدين للمنطقة من أمهات المدن للاستمتاع بأجوائها المعتدلة وطبيعتها الساحرة
إلا أني لاحظت العام الماضي وربما يتكرر المشهد أن معظم مساحات الغابة عليها شبوك أو مستغلة للاستثمار وربما يصل السياح وهذا المشروع الذي ذكره الكاتب لم يكتمل لضيق الوقت .
ثم لماذا لا يتم تخطيط هذه المساحة وتتحول لحديقة داخل الغابة لاسيما أن الكاتب أشار لمواقع خارجها يمكن استثمارها لهذا الغرض ؟
برجاء أن تعيدوا النظر سعادة الأمين وترفعوا يد الجهات الاستثمارية بتحويلهم لمساحات بيضاء بعيداً عن مكان جلوس الباحثين عن الظل والطبيعة الخضراء .
أكرر شكري للجميع وتروني ولا ترون باس بعد اسبوع .
يا جماعه لا تحاصرون السياح في مكان واحد فعلاً يحتاج لتخطيط من جديد ليستوعب مرتاديه من داخل المنطقة وخارجها وخاصة في الصيف غابة رغدان كما ذكر الغامدي في تعليقه تحولت بعض مساحاتهاإلى مغلقة بشبوك لا يمكن دخولها ولا تعلم من هي الجهة المستفيدة
وأرى أن تتجهوا شمال الباحة في محافظة بني حسن عندهم غابات كثيرة تحتاج تأهيل ودعاية وإعلام اعتقد صيف هذا العام ستكون الباحة مزدحمة وغابة رغدان لن تستوعب مالم يعاد تخطيطها والاستفادة من كامل مساحتها لصالح الأسرة وليس لصالح المستثمرين وسلامتكم .
غابة رغدان ما عاد فيها متسع للسياح للجلوس فالمكان تم الاستيلاء على أجزاء كبيرة وواسعة منه لصالح الاستثمار الذي خنق اماكن الجلوس
نرجو من الأمين التدخل وإعادتها على سابق عهدها ولو بعد هذا الصيف لصالح الباحثين عن الظل والطبيعة ما نحن بحاجة لهذه الملاهي ولا كثرة التسوق داخلها نحنو نحتاج الظل والخضرة لا عاد تطورونها فهي طبيعه خلقها الله فلا تعدلونها تكفى يا الأمين .