المقالات

ماهي الوهابية الإسلامية؟

يعيش العالم الإسلامي اليوم، ما يُسمى ويعرف بالوهابية، دون العلم والدراية بماهيتها، وأنواعها، وأصولها؛ ومناهجها، وما هي الصحيحة منها، وما هي المذمومة، وهم لا يعلمون ـ إلا من رحم ربي ـ إنها نوعان:
أولهما: شرعية تستمد أصولها ومناهجها من الكتاب والسنة المحمدية.
والأخرى: باطلة لأنها وفق السلوك والأهواء والخرافات الإنسانية المذمومة.
ودون التمييز بينهما يقوم أعداء الدين والملة، وأعداء هذه البلاد الحاقدين، بإطلاقها من باب الإفساد والإكراه والحقد، على دعوة التجديد والإصلاح النجدية، وأفعالهم تلك من باب الحسد والمكيدة، والحق والحقيقة، أن الوهابية المذمومة، والمخالفة لنصوص الكتاب والسنة الباطلة، هي: الوهابية الرُّسْتُمِيَّة، وهي التي تسير وفق مناهجها الباطلة، ومقاصدها وغاياتها المشينة، وسلوكيات وطرق أهلها البعيدة عن أصول ومناهج الدين الاسلامي، وهذا بيان الوهابية الرستمية المخالفة للدين فأقول:
الوهابية المذمومة: هي الوهابية الرستمية:
وهي وهابية إباضية واسمها الحقيقي (وَهْبِيَّة)، ولكن نعتها البعض بالوهابية، لكي يدفعوا هذا اللقب عن أنفسهم، فعرفوه بالتعريف،
والوهابية مصطلح أطلق على “تتسمى” بالحركة الإسلامية، قامت في الشمال الإفريقي في أواخر القرن الثاني الهجري، على يد شخص يدعى: عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم سنة (784 – 832) وهم من (الأصول الفارسية)، وسميت “الوهابية” نسبة إلى اسم مؤسسها هذا، وتسمى أيضًا “الرّستمية” نسبة إلى جده (رستم)، وهي فرقة ذات مذاهب بدعية منحرف، وطرق مخالفة للدين الإسلامي، وتنتهج مناهج مخالفة للدين أبرزها: عقائد الخوارج، الشيعية، وهي منتشرة في شمال دول المغرب العربية، وحاليًا أهلها: (موجودون في تونس وليبيا والجزائر).
فعبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم، أسس حركته الوهابية الإباضية في شمال أفريقيا في الجزائر تحديدًا، بعد وفاة والده عبد الرحمن بن رستم، وقد عطّلت تلك الحركة، أركان الإسلام، مثل: الحج والصيام، وقد لقيت معارضة كبيرة من علماء الدين آنذاك، وحدث بينها وبين معارضيهم حروب.
وتلك الوهابية ذات البدع المقيته المشينة، لا علاقة لها بالشيخ المجدد: محمد بن عبد الوهاب النجدي، ولا بدعوته السنية؛ لاختلاف الزمان والمكان ونوع كل دعوة ومناهجها، ومقاصدها وغاياتها.
إذًا الوهابية الرستمية المشينة، التي يلصقون منهجها وأفعالهم المخالفة للدين، ويريدون يلبسون وينشرون خرافاتهم وشركياتهم على أهل السنة والجماعة، لعلمهم ببعدهم عن ما جاء في كتاب الله وسنة خاتم الأنبياء والمرسلين؛ ولأن الماسونية العالمية هي التي تتبناهم في كل شئونهم ومتطلباتهم.
الوهابية السعودية:
الوهابية السعودية، هم أتباع الشيخ الإمام المجدد: محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي المتوفى سنة ست ومائتين وألف من الهجرة، وكانت وفاته في الدرعية، وقبره معروف هناك، وقد قام بالدعوة إلى الله في النصف الثاني من القرن الثاني عشر منطلقا من الدرعية وما حولها، بعد أن أبرم مع الإمام محمد بن سعود ميثاق الدرعية التاريخي، وكان منهجها الدعوة إلى توحيد الله، والانكار على الناس الذين يتوسلون بالقبور وبالأموات وبالأصنام، وتصديق الكهان والمنجمين، وعبادة الأشجار والأحجار.
وكانت دعوته على طريقة السلف الصالح، على الطريقة التي بعث الله بها الأنبياء والرسل على وجه العموم، وعلى منهج نبينا ورسولنا محمد عليه الصلاة والسلام، وعلى الطريقة التي درج عليها أصحابه، فدعا إلى الله سبحانه، ودعا معه العلماء الذين وفقهم الله لمعرفة الحق، من أقاربه وأولاده وغيرهم، وأظهر الله به ما اندرس من الدين، وأزال الله به الشر والغمة والفساد، من نجد وما حولها، ثم انتشرت دعوته في جنوب المملكة، واليمن والشام والعراق ومصر والهند وغير ذلك.
وقد ظهر لها معارضون خارج بلدان الجزيرة العربية، وألصقوا بها ماليس فيها غايتهم في ذلك إكراه الناس فيها من جهة، وخوفًا من انتشارها في المعمورة من جهة أخرى؛ لأنها تعارض ما هم عليه من البدع والخرافات، وتبطل مقاصدهم وغاياتهم المخالفة للدين الحنيف.
كما ظهر مثلهم في نجد، وأطلقوا عليها اسم (العوجا) لأنها أبطلت عاداتهم، وسلوكياتهم، وأعرافهم وما كانوا عليه من مخالفات لما جاء به الأنبياء والرسل، وهو (توحيد الله) الخالي من الشرك والأنداد، وإخلاص العبادة لهل جل جلاله.
ولما كانت تدل وتدعو إلى التمسك بما جاء في كتاب الله وسنة نبيه ورسوله محمد عبد الله ورسوله، وكانت دعوة حق وهابية إصلاحية، وصحيحة وفق قواعد الدين الحنيف، وأخذت الطابع الرسمي المقرون بالقبول والقوة، لا سيما بعد ما تحالف الشيخ محمد بن عبدالوهاب مع الإمام محمد بن سعود -رحمهما الله – على نشر الدعوة الوهابية، وحمايتها ورعايتها ونشرها، بموجب ميثاق الدرعية الذي وقعاه بينها في عام 1157هـ الموافق 1744؛ وأبلغ بها أمراء وأهالي نجد، وأمروا باتباع الدعوة الإصلاحية؛ فما كان منهم إلا أن أرسلوا مندوبين إلى الإمام محمد بن سعود، يستفسرون عن ماهية هذه الدعوة ؟
فطلب الإمام محمد بن سعود من الشيخ محمد بن عبدالوهاب، توضيح هذه الدعوة الجديدة، لأولئك حسب فهمهم آنذاك؛ فأوضحها الشيخ لهم في رسالة (التوحيد)، وأن حقيقة الدعوة هي:
(أن لا إله إلا الله) قولًا وعملًا، وما يتبعها من هدم القبور والمزارات القائمة آنذاك، والقضاء على كل البدع والخرافات والشركيات؛ فرد بعضهم وقالوا: بأن هذه دعوة (عوجاء) بمعنى يصعب تنفيذها ونشرها؛ فكان رد الإمام محمد سعود عليهم، إذا كنتم ترونها كما تقولون، إذًا:(فنحن أهل العوجاء).
وفي ذلك يقول الشيخ عبدالله بن خميس في (معجم اليمامة) ١/ ٤٢٤، لقد قال بعض الناس حينما دعا الشيخ محمد بن عبدالوهاب بدعوته السلفية؛ قالوا إنها دعوة عوجاء؛ فقال أبطال آل سعود، وقال أهل (الدرعية) وقال أهل (العارض) معهم: نحن أهل (العوجاء).
إمعانًا في الإيمان بهذه الدعوة الاسلامية السلفية، وتصديقًا لها، وتحقيقًا للمتابعة المخلصة، وإشارة يردون بها على المكذبين والمعارضين، ولسان حالهم تقول: (إنكم سوف تعلمون غدًا حقيقة هذه الدعوة) (العوجاء) بزعمكم، حينما يظهرها الله، وينصرها ويمكن لها في الأرض.
عند ذلك عرف المحققون صحة الدعوة، واستقامتها، وأنها على الهدى والطريق القويم، وأنها في الحقيقة تجديدًا لما اندرس من معالم الإسلام، وأن صاحبها ليس مبتدعًا، وليس له دين جديد، ولا مذهب جديد، إنما يدعو إلى توحيد الله، واتباع شرعه، والسير على منهج السلف الصالح، من الصحابة ومن سلك سبيلهم.
هذه هي الوهابية، وهذه هي الدعوة الوهابية السعودية، وهذا هو مذهب الوهابية النجدية، وهي السير على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم،؟ وأتباعه من الصحابة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان، ولكن لهم خصوم، كذب عليهم الكذابون، حتى يستبيحوا دماءهم، وألصقوا بالدعوة الإصلاحية في السعودية، أباطيلهم ومبتدعاتهم، وأمورهم الشركية، فقالو ا: عن أهلها إنهم مذهب خامس، وأنهم يسبون الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويسبون الصحابة، وكلها كذب وكلها أباطيل؛ وقال الصالحون والأوفياء، لأولئك الامة المنحرفة؛ كلا وألف كلا، الوهابيون السعوديون، من أحب الناس للرسول -صلى الله عليه وسلم وآله-، والرسول أحب إليهم من أنفسهم، وأولادهم وأموالهم، وهم يدعون إلى ما دعا إليه، يدعون إلى توحيد الله واتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه، والسير على منهجه -صلى الله عليه وسلم-، وكتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ناصعة البيان، واضحة المعان، وكتب أتباعه ومناهجهم من بعده واضحة، ومن قرأها عرف ذلك، وشهد به: فهذا: كتاب التوحيد، فتح المجيد، وكشف الشبهات، والثلاثة الأصول، والقواعد الأربع، ورسائل الشيخ إلى أمراء، وعلماء آل الحفظي في عسير، وعلماء اليمن، تشهد له بذلك.
ومثلها: تيسير العزيز الحميد لحفيده، سليمان بن عبد الله، وكذلك الدرر السنية في فتاوى أهل نجد واضحة، ومثلها كتب علماء نجد ورسائلهم، كلها تبين ما هم عليه من الهدى والحق المبين، وتبين كذب خصومهم وأعدائهم وضلالتهم، من الصوفية، والخوارج، والوهابية الرستمية واتباعها، وغيرهم من عباد القبور، الذين يكذبون على أتباعهم من الدراويش الجهلة، الذين لا يزالون يقولون بأقوال آئمتهم وضلالهم من أهل الملل والنحل، ويتبعون نهجهم المخالف للدين الحنيف.
أما أهل العلم والإيمان والاستقامة، في مصر، والشام، والعراق، واليمن، وغيرها من بلدان العالم، فإنهم قد عرفوا صحة وصدق وسلامة الدعوة الإصلاحية الوهابية السعودية، وعرفوا ما هم عليه أهلها، وشهدوا لهم بالحق، كالشيخ محمد رشيد رضا، ولماء آل الحفظي، وعلماء اليمن، مثل: الإمام الشوكاني، الذي ألف لمعة الاعتقاد، وغيرهم ممن عرفوا صدق الدعوة ـ رحمهم الله جميعًا، وشهد لهم بالحق من علماء الإسلام في مصر والشام والعراق واليمن والهند وغير ذلك. نعم.

شهادة المستشرقين للوهابية النجدية:
قال بوكهارت، وهو رحالة ومؤرخ سويسري (1784-1817): «وما الوهابية – إن شئنا إنصافها – إلا الإسلام في طهارته الأولى». وأضاف: «لكي نصف الدين الوهابي، فإن ذلك يعني وصف العقيدة الإسلامية، ولذا فإن علماء القاهرة أعلنوا أنهم لم يجدوا أي هرطقة – أي بدعة أو خروجًا عن الدين – في الوهابية».
وذكر المؤرخ الألماني الدكتور داكبرت، في كتابه «عبد العزيز»، أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب كانت تملأ قلبه فكرة جديدة للقوى العربية، وأنه عز تلاشي قوة العرب الذي أخضعهم للنفوذ الأجنبي بسبب ابتعادهم عن سيرة السلف الصالح، وانقسامهم إلى شيع، وابتعادهم عن خلقهم العربي الأصيل، ثم قال: «ورأى الشيخ أن سبب الإنقاذ هو الرجوع إلى تعاليم الدين المشروعة، وإلى تعاليم الرسول الصحيحة».
وجاء في دائرة المعارف البريطانية: «الحركة الوهابية اسم لحركة التطهير في الإسلام، والوهابيون يتبعون تعاليم الرسول وحده، ويهملون كل ما سواها وأعداء الوهابية هم أعداء الإسلام الصحيح».
وقال المستشرق الأسباني أرمانو: «إن كل ما ألصق بالوهابية من سفاسف وأكاذيب لا صحة له على الإطلاق».
وقال المستشرق جولدتسيهر، في كتابه «العقيدة والشريعة»: «إذا أردنا البحث في علاقة الإسلام السني بالحركة الوهابية، نجد أنه مما يسترعي انتباهنا خصوصًا من وجهة النظر الخاصة بالتاريخ الديني، الحقيقة الآتية: (يجب على كل من ينصب نفسه للحكم على الحوادث الإسلامية أن يعتبر الوهابيين أنصارًا للديانة الإسلامية على الصورة التي وضعها النبي وأصحابه، فغاية الوهابية هي إعادة الإسلام كما كان)».
وكتب المؤرخ الفرنسي الشهير سيديو، ما معناه: «إن إنجلترا وفرنسا حين علمتا بقيام محمد بن عبدالوهاب وابن سعود وبانضمام جميع العرب إليهما لأن قيامهما كان لإحياء كلمة الدين، خافتا أن ينتبه المسلمون فينضموا إليهما، وتذهب عنهم غفلتهم، ويعود الإسلام كما كان في أيام عمر – رضي الله عنه – فيترتب على ذلك حروب دينية وفتوحات إسلامية ترجع أوروبا منها في خسران عظيم، فحرضتا الدولة العلية على حربهم، وهي فوضت ذلك محمد علي باشا».
هذه الوهابية النجدية السعودية، أيها الحاقدون، أنا أعلم أنكم تعرفونها، أيها الحاسدون، ولكنكم تخاصمون، وتنعقون، وتنهقون، كرهًا لها لأنها وفق منهج خاتم الأنبياء والمرسلين، وكرهًا لما هم عليه أهلها من الحق المبين.
فتبًا لأولئك، وخابوا وخسروا إلى يوم الدين، والسلام على من اتبع الهدى ولا يهمنا أولئك المعرضين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button