قالت العرب: عز نفسك تجدها، ومن هانت عليه نفسه تراها عند الناس أهون.
قال ابن فارس: العين والزاء أصل صحيح يدل على شدة وقوة وماضاهاهما من غلبة وقهر.
فالعزة ليست غرورًا ولا تكبرًا، بل هي سمو ورفعة وأنفة، وهي دليل على الشدة والقوة.
والعزة لا تطلب إلا من الله تعالى، قال عز وجل: “من كان يريدُ العزةَ فلله العزة جميعًا” فاطر ١٠ ، قال الشنقيطي -رحمه الله- “«بيّنَ -جل وعلا- في هذه الآية الكريمة: أنّ من كان يريد العزة فإنها جميعها لله وحده، فليطلبها منه، وليتسبب لنيلها بطاعته جل وعلا، فإنّ من أطاعه أعطاه العزة في الدنيا والآخرة».
وأعلى مقامات العزة بالنفس، يكمنُ في الاعتزاز بالإسلام؛
خَرَجَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام ومعه أبو عبيدة بن الجراح، فأتوا على (مخاضة)وعمر على ناقة فنزل عنها، وخَلَعَ خُفيه، فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته، فخاض بها المخاضة؛ فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين تلقاك الجنود وبطارقة الشام وأنت على حالك هذه؟ فقال عمر: إنَّا قوم أعزنا الله بالإسلام، فلن نبتغيَ العزة بغيره.
إن كان الاعتزاز بالنفس محمودًا إلا أنه في بعض الأحيان يكون مذمومًا، ومن ذلك: عدم قبول الحق والنصح، قال تعالى: “وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم” البقرة ٢٠٦، قال السعدي -رحمه الله- فيجمعُ بين العمل بالمعاصي والكبر عن الناصحين.
ومن مواطن ذم العزة طَلبَها ممن هو دونك ديناً وخلقاً أو مكانةً ورفعةً، قال تعالى حاكيًا حال المنافقين ومنكرًا عليهم ماسلكوه من موالاة للكافرين “أيبتغون عندهم العزة…” النساء، من الآية ١٣٩؛
ولذا يجب على المرء أن ينأى بنفسه عن مواطن الذُّل والمهانة ولا يُحقرُ من نفسه ويذلها لأجل حطام الدنيا وحوائجها، جاء في فوائد بن تمام عن عبدالله بن بسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس، فإن الأمور تجري بالمقادير” فكل شيء بقدر الله والعيش يوماً في عز وكرامة خير من العيش سنيناً في ذل ومهانة، قال عنترة بن شداد:
فَلا تَرضَ بِمَنقَصَةٍ وَذُلٍّ
وَتَقنَع بِالقَليلِ مِنَ الحُطامِ
فَعَيشُكَ تَحتَ ظِلِّ العِزِّ يَوماً
وَلا تَحتَ المَذَلَّةِ أَلفَ عامِ
وعلى أية حال: أغلى ما عند المرء نفسه وكرامتها فإذا أهانها وأذلها فلا ينتظر من الآخرين إكرامها.
همزة وصل:
أكبر خسارة ليس أن تخسر شخصًا لا يستحق، بل أن تخسر نفسك وانت تُحاولُ إرضاءه.
0