المقالات

لماذا أهتم بقصتك؟

سبب كتابتي لهذه المقالة هو استماعي لمقطع تيد تاك (Ted Talk) مقدم من الكاتب “أندرو سانتون” يقول فيه: “في بداية كل قصة يجب عليك أن تعد القارئ بأن قصتك تستحق وقته”، ويكمل “نحن مولودون حلاليّ مشاكل بالفطرة، لذلك القارئ لا يمانع التفكير في معرفة المعلومات الناقصة في قصتك لكن دون أن يعي بعملية تفكيره” فكيف تجعل القارئ يهتم بقصتك أصلًا؟

لن أتحدث هنا عن الأسباب الشخصية فكل شخصٍ قد يهتم بقصة لأسباب ذاتية لا يمكن تتبعها أو تحليلها، غير ذلك، هل هُناك معايير مألوفة في القصص تجعل القارئ يهتم؟
تحدثت مع عدة قُرّاء بهذا الشأن، ووجدت أسباب اهتمامهم تتلخص بالتالي:
1) ثقة بالكاتب أو المترجم.
2) رشاقة القصة.
3) خصوبة الخيال.
4) شخصنة النص.
جميع هذه النقاط جميلة وأتفق معها بعد تعديلات بسيطة، فبالنسبة لرشاقة القصة لا أعتقد أنه سبب حقيقي فكثير من الروايات الثقيلة الصعبة كلقمة تُلاك إلى يوم القيامة ما زالت تشعل الفضول والاهتمام في نفوس القرّاء، ولنا في فيدور دوستويفسكي أكبر مثال، ولو حولناها إلى حسن سرد القصة بغض النظر عن ثقلها/خفتها سنملك قائمة أكثر دقة، والله أعلم!
تظهر نفس المشكلة عند النقطة الثالثة، فالخيال الخصب ليس العامل الرئيس في اهتمام القرّاء بدليل الروايات الواقعية التي ما زالت تلقى اهتمامًا رائعًا، وحريٌ بي هُنا ذكر اقتباس للكاتب فيصل الغمري وصف فيه فكرة الخيال المقصودة هُنا.
“ما الرواية إلا واقع حقيقي زائد واقع مُتخيّل”

اكتب شيئًا شخصيًا

في أحيانٍ كثيرة وخصوصًا في كتابة الخيال، نكتب أفكارًا خيالية لم نعيشها بتاتًا، فكيف نكتب عنها باتفاق مع نقطة الكتابة الشخصية التي هي عامود الكاتب الفقري؟
ليس معنى أن تكتب شيئًا شخصيًا هو أن تعيش الحدث، ولكن أن تعيش المشاعر المصاحبة للحدث أو أن تملك خيالًا خصبًا كفاية لتستشعر الحدث، أو الأمرين سويًا!
فأجاثا كريستي أشهر كاتبة في أدب الجرائم لم ترَ جريمة قتلٍ في حياتها، إلا أن الملاحظة الدقيقة واستشعارها للبيئة والظروف الاجتماعية التي ترعرعت فيها؛ بالإضافة لخيالها الخصب ولدت شخصيات وأحداث وقصص هي مزيج بين خيالها وواقعها، ولا نتفاجأ عندما توصف أجاثا بأنها “شخصية منصتة، تستمع أكثر من أن تتحدث، ترى أكثر من أن تُرى”.

يكفي تنظير

أما بالنسبة للكاتب المُتلهف (والقارئ الفضول) للخروج من هذه المقالة بفائدة عملية؛ فهذه العناصر الخمسة لكتابة قصةٍ تلبي السؤال في عنوان هذه المقالة.

1) الشخصيات: هل شخصياتك مفهومة؟ إن لم تكن مفهومة، هل هي مثيرة كفاية ليصبر عليها القارئ حتى يفهمها مع تقدّم الأحداث؟ هل هذه الشخصية جديرة بالاهتمام، حتى لو لم تُفهَم بالكامل؟
2) الصراع: هل في القصة صراع خارجي (تسعى شخصيتك لهدف خارجي يمنعها عالمها عنه) وصراع داخلي (مشاكل داخلية في شخصيتك يجب عليه تجاوزها حتى يحقق هدفه)؟
3) اللغة: هل قصتك مليئة بالتصويرات (تستشعر فيها الحواس الخمس)؟ هل تحتوي القصة على تشبيهات وبقية العناصر التي تجعل اللغة مثيرة؟
4) المكان: هل يملك القارئ تصورًا عن عالمك؟ هل يعيش في العالم الذي بنيته؟
5) الحبكة: هل يرغب القارئ بإكمال القراءة ومعرفة التطورات؟ هل تتبع “هرم الحبكة”؟

إن احتوت قصتك على هذه العناصر الخمسة، وكتبتها بشكلٍ شخصي، أضمن لك نصًا يأسرك قبل أسره للقارئ، ويحظى باهتمامك قبل حظوته باهتمامه، فاهتمام القارئ من اهتمام الكاتب، وكما قال روبرت فروست: “لا دموع في أعين الكاتب. لا دموع في أعين القارئ. لا مفاجأة للكاتب. لا مفاجأة للقارئ”.

محمد عبدالرحمن الأحمدي

كاتب إبداعي - قاص - روائي - مؤسس منصة سرد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى