المقالات

خطاب الموفِدين للوَافدين إلى البيت العتيق

الخطاب الإعلامي بمفهومه العام رسالة إقناعية بلغات متعددة: بصرية، ولفظية، وصوتية، ومرئية، تستهدف بث قناعات محددة لدى القراء، أو حتى تغييرها، أو تفنيد وجهة نظر مضادة، في حوار تفاعلي تنافسي بين خطابات تستند إلى أطر مرجعية متباينة تتنازع فيما بينها، بشأن قضية جدلية يتم التعبير عن الرأي بشأنها في خطابات إعلامية تتخذ من وسائل الإعلام السائدة، أو وسائط الإعلام الجديد مجالًا لطرح ونقاش وجدال حول محتواها، وهذه التنافسية بين الخطابات الإعلامية في هذا الفضاء الرقمي الواسع يتطلب جهدًا مهنيًا احترافيًا لاستثمار أنماط الاتصال بما يحقق الأهداف.
واستنادًا إلى ذلك فالاتصال بأنماطه المختلفة قوة ناعمة ذات وظائف مهمة في تشكيل الرأي العام، وبناء الوعي واستشعار المسؤولية تجاه المعلومات والأفكار والآراء التي يتم تداولها ومناقشتها.
وموسم الحج رحلة عبادية يقصدها أكثر من مليوني مسلم في كل عام لأداء فريضة الحج والعمرة وزيار المسجد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والتسليم، وكونها حدثًا موسميًا مكثفًا قد يستثمر في تمرير رسائل ذات أجندات سياسية أو مذهبية أو فكرية، أو نشر شائعات وأخبار كاذبة ومعلومات مضللة، ربما انعكست سلبًا على اتجاهات الرأي العام، وتشكلت على أساسه صورة لا تعكس الواقع، ولا تعبر عن حجم الخدمات والرعاية المقدمة فعليًا، لضيوف الرحمن، وتصحيح الصورة أصعب بكثر من بنائها.
وتنهض شركات الطوافة والوفادة والجهات التي تقدم خدماتها للحجاج، وتتواصل معهم بشكل مباشر بأدوار خدمية متنوعة للحجاج وفق تنظيمات متقنة ومحددة، تستهدف التسهيل على ضيوف الرحمن لأداء نسكهم بكل يسر وسهولة، ويمثل الجانب الاتصالي بأنماطه مجالًا من أهم المجالات التي من خلالها تقدم هذه الخدمات، ومصدرًا تفاعليًا للحصول على تغذية راجعة، تسهم في معرفة جوانب القصور ونقاط القوة لتحسين الأداء، والتعريف بالخدمات المتاحة، وبناء علاقة إيجابية مع ضيوف الرحمن تنعكس على الصورة الذهنية التي يحملونها عن تجربتهم في رحلة الحج، ويتم من خلالها صناعة محتوى إعلامي يظهر الجوانب المشرقة للخدمات التي تقدم لضيوف الرحمن، وهو ما يتطلب التأسيس لخطاب إعلامي متقن؛ لتحقيق الجانب التثقيفي والتوعوي وتوفير المعلومات للوافدين بصورة تسهل عليهم مهمتهم، وتنقل الصورة الحسنة عما تبذله المؤسسات الحكومية والأهلية لخدمة ضيوف الرحمن بتوجيهات كريمة من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده.
وفي هذا الاتجاه لفت نظري ونظر الكثيرين ممن حضر الحدث أو شاهد التسجيل المرئي الذي نشرته هذه الصحيفة، أثناء وصول حجاج السودان إلى مقر سكنهم في مكة المكرمة؛ حيث ألقى رئيس مركز الخدمة الميدانية للحجاج بحضور السفير السوداني ورئيس البعثة كلمة ترحيبية خاطبت مشاعر الحجاج وطمئنتهم بلغة اتصالية بسيطة تناسب المقام؛ فكانت ذا أثر بالغ في بناء علاقة تفاعلية متوازنة؛ حيث زودهم بأرقام التواصل وعرفهم بالخدمات المتاحة لهم، وأظهر لهم أن الجميع في خدمتهم فكانت بحق رسالة اتصالية فعالة.
الخطاب الإعلامي من شركات الطوافة والجهات المقدمة للخدمات في موسم الحج مطلب مهم يحتاج إلى تفعيل وإعداد خطة عمل متقنة، واستقطاب كفاءات تملك المهارات اللازمة للتواصل والتفاعل مع ضيوف الرحمن، لكي تتوافق الصورة الذهنية والرأي العام، مع حجم الخدمات التي تقدم والاهتمام والرعاية التي تحرص كل القطاعات على توفيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى