حظي موضوع الحج في أدب الرحلات عبر تاريخ الحج بقدر كبير من التوثيق من الأدباء والعلماء والمثقفين الذي أدوا الفريضة، ورسموا على الأوراق مشاعرهم وخواطرهم، فلم تكن رحلة الحج شيئا عابرا في ذاكرتهم، لذا أودعوه في ذاكرة الناس من خلال ما سطروه عنها. وقد تنوعت الكتب في موضوع الحج في أدب الرحلات، ما بين التوثيق للرحلة، ومراحلها، ومشاعرها، وخواطرها، وما بين الكتابة عن معالم الحج، والتأريخ للأماكن المقدسة، والتأريخ للحجاز وعلمائه، وأهله، وأنشطتهم،
إلا أن كتاب الدكتور “محمد حسين هيكل” “في منزل الوحي” من أشهر ما كتب عن الحج، وجاءت الرحلة بعد تحول فكري كبير لهيكل، إذ كان من أشد المناصرين لليبرالية الغربية والداعين إليها، لكن في العام 1933 رأي هجمة تنصرية على مصر، تروج لها بعض الأقلام في الصحافة، فتحول هيكل إلى مهاجمتها، وحكم عليه بغرامة بتهمة الوقيعة بين الأديان، أما رحلته للحج في العام (1355هـ=1936) فجاءت بناء على نصيحة من صديقه المسلم المجري “عبد الكريم جرمانوس”، وألف هيكل “في منزل الوحي” وكأنه عندما رجع إلى الإسلام كان عليه أن يهاجر إلى منزل الوحي يستقي من أنواره، ومما كتبه عند رؤية الكعبة ” “تبدت لي الكعبة قائمة وسط المسجد فشُدَّ إليها بصري وطفر قلبي ولم يجد عنها منصرفا، ولقد شعرت لمرآها بهزة تملأ كل وجودي وتحركت قدماي نحوها وكلي الخشوع والرهبة”.
0