المقالات

زيارة “بايدن” للمنطقة بين الواقع والمأمول

قبل حوالي شهر من الآن أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي جو “بايدن” سيزور منطقة الشرق الأوسط لمدة أربعة أيام سيزور خلالها كيان الاحتلال الإسرائيلي ودولة فلسطين، وبعدها سيطير إلى المملكة العربية السعودية ليجتمع مع القيادة السعودية ثم سيجتمع مع قادة مجلس التعاون الخليجي؛ بالإضافة لقادة مصر والأردن والعراق.

في اعتقادي أن هذه الزيارة للعجوز “بايدن” مهمة جدًا لتنسيق المصالح الأمريكية في المنطقة، والحفاظ عليها وعلى التأثير الأمريكي الشرق أوسطي.
“بايدن” قادم إلى المنطقة، وهو يفكر في حل أزمات دولية خطيرة عصفت بمكانة بلاده السياسية والاقتصادية والعسكرية وعلى جدول أعمال الزيارة وفقًا لما أعلنه البيت الأبيض سيكون الملف النووي الإيراني والتهديد الإيراني للمنطقة ولأمن كيان الاحتلال؛ بالإضافة لسعيه للوصول إلى صيغة خليجية أمريكية تحافظ على أسعار النفط العالمية ومحاولة تقويض القوة الاقتصادية والعسكرية لروسيا والصين وملفات أخرى تهم الأمن القومي الأمريكي.
لكن فيما يتعلق بالملف الفلسطيني نلاحظ أن “بايدن” كتب مقالًا هامًا نشرته صحيفة (الواشنطن بوست) أكد فيه أولًا على التزام إدارته بأمن كيان الاحتلال الإسرائيلي، وأنه دعَّم حكومة الاحتلال بحوالي 4 مليار دولار، وأن (إسرائيل) ستبقى الطفل المُدلل للأمريكيين لكن على صعيد القضية الفلسطينية فقد أكد “بايدن” أنه أقنع الكونجرس الأمريكي بالإفراج عن مبلغ 500 مليون دولار أمريكي كإعانات أمريكية للفلسطينيين، وهو مبلغ يكاد لا يُذكر مع حجم الإعانات الأمريكية المعلنة للإسرائيليين، وهو دليل انحياز العم سام للإسرائيليين وجرائمهم ..
المقال الذي كتبه “بايدن” لواشنطن بوست تحت عنوان (لماذا سأذهب للسعودية؟) وضع فيها أهداف الزيارة وإطارها وجدول أعمالها، ولم يتحدث أبدًا عن أي آلية لتنفيذ وعوداته للرئيس أبي مازن بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، وإزالة منظمة التحرير عن قائمة الإرهاب الأمريكية وإعادة فتح مكتب المنظمة في واشنطن كما أنه لم يتحدث في مقالته عن أن زيارته لبيت لحم للقاء فخامة الرئيس محمود عباس تهدف لخلق مناخ إيجابي لتكريس أي أفق سياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ وكأن زيارته إلى فلسطين تأتي من باب إبراءه من العتب وكنوع من الضرورات التجميلية لزيارته للمنطقة، وليس من باب قيام أمريكا بواجبها التاريخي تجاه الصراع العربي الإسرائيلي باعتبارها راعية عملية السلام الموءودة.
في سياق آخر سيطير الرئيس “بايدن” إلى المملكة العربية السعودية للقاء خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان، ومن ثم سيجتمع مع قادة الدول الخليجية وقادة مصر والأردن والعراق، وسيبحث معهم التهديدات الإيرانية للمنطقة وضرورة الولوج في عملية تطبيع شاملة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي على طريق تشكيل تحالف عسكري عربي إسرائيلي لمواجهة التهديد الإيراني، وهذا في حقيقته ليس مطلب الرئيس “بايدن” لكنه في الحقيقة مطلب كيان الاحتلال الإسرائيلي وما العجوز “بايدن” سوى مراسل يحمل رسالة إسرائيلية في هذا الاتجاه.
أنا شخصيًا أثق بأن المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية الصاعدة بقيادة الرئيس الكبير عبد الفتاح السيسي لن يقبلوا أي توجه أو أفكار تلحق ضررًا بالحق التاريخي للفلسطينيين، وسيبلغوا “بايدن” بكل وضوح ودون مواربة أنه لا تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي قبل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وهذا عهدنا بأمتنا وبهذه الدول العربية الشقيقة التي نستند عليها، وهم خير السند والمدد لنا ولثورتنا منذ انطلاقتها..
أنا أثق بأن جلالة الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد، ومعهما شقيقهما الرئيس عبد الفتاح السيسي وشقيقهما الملك عبد الله الثاني سيضغطون على “بايدن” للقيام بواجباته بين الشعب الفلسطيني والإسرائيليين لتكريس أفق جديدة لعملية السلام التي من الممكن أن يتمخض عنها حل تاريخي لأطول صراع في المنطقة.

لا أثق بالعجوز “بايدن” لكني لا زلت أثق بأن أمتنا العربية لن تتركنا وحدنا؛ فنحن نتحدث عن الدول المحورية الصاعدة التي تريد لنا الأفضل، وتتمسك بالقدس وفلسطين دائمًا فالأمل الحقيقي ليس بزيارة “بايدن” بل أملنا دائمًا معقود على عناد أمتنا العربية.

في النهاية أقول: إن “بايدن” لن يغير في الواقع السياسي للقضية الفلسطينية قيد أنملة ولن ينفذ أي من وعوداته لنا وكل ما سيعلن عنه خلال زيارته قليل من المساعدات الطبية والإنسانية لا غير، ويبقى الرئيس أبو مازن وشعبنا صخرة الصوان التي تتحطم عليها كل المشاريع التي تسعى لتصفية قضيتنا، وتبقى أمتنا خير سند وخير مدد، ويبقى كيان الاحتلال يتهدده الزوال إلى أن يزول -بإذن الله-.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button