لا يختلف اثنان على كون منطقة الباحة واسطة عقد مصايف المملكة بما تمتلك من مقومات السياحة الداخلية المتمثلة في اعتدال الأجواء والغطاء النباتي الذي يمتد لأكثر من مائة كيلو متر بين غربها في حدود بني مالك التابعة لمحافظة الطائف وشرقها باتجاه منطقة عسير بجوار بلاد خثعم والبشائر في طبيعتها الجبيلية وتلالها وأوديتها المغطاة بأكثر من أربعين غابة مكسوة بالأشجار دائمة الخضرة كالعرعر والطلح والزيتون البري الذي يسمونه بـ “العتم ” بضم العين والتاء وفي اعتقادي أن هذه المقومات يعضدها إنسان هذه المنطقة الذين اشتهروا بالكرم وحب الضيف يساند ذلك البنية التحتية الهامة الأساسية التي بفضل الله ثم فضل القيادة ومتابعة سمو أميرها والمخلصين من المسؤولين ونحسبهم كذلك تحقق فيها مشاريع تنموية واسعة النطاق في مجالات المياه والطرق والتعليم العام والجامعي والكهرباء والخدمات الأخرى التي تعمل على راحة المواطنين قبل وأثناء وبعد مواسم السياحة التي تقلصت إلى قرابة الشهرين بسبب تغير نظام إجازات التعليم ومع هذا تظل المنطقة تنعم بما تحقق على مدار العام .
موضوع السياحة في الباحة يحتاج إلى عدة مقالات لأن المحافظات في السراة صيفا وفي تهامة شتاء تتبارى وتتنافس في تقديم ما يجذب السياح وبالذات من خلال البرامج السياحية في القرى الأثرية كما هي محافظة القَرىَ من خلال قرية الأطاولة كذلك قرية ذي عين التي تجمع بين رحلتي الشتاء والصيف لوجودها بين السراة وتهامة وما تمتلك من مزارع للموز البلدي وبعض النباتات العطرية كالكادي والريحان والمباني التي يزيد عمرها عن أربعمائة عام وما حظيت به من ترميم أعاد لها رونق بنائها القديم بشكل جميل وأخّاذ وهناك برامج تقدم في جميع المحافظات بتوجيه من مقام الإمارة ومتابعة تنفيذ من قبل المحافظين ورؤساء المراكز وهذه البرامج تخفف على المواطنين والسياح عناء الانتقال لقلب المنطقة ومركزها الرئيس في الباحة بالذات في غابتي رغدان ومنتزه الأمير مشاري بمحافظة بني حسن .
الباحة في الصيف تقام فيها مهرجانات لبعض منتجاتها الزراعية كما هو مهرجان الرمان في محافظة القرى مدخل بيدة والقوارير ومهرجان العسل في بالجرشي، وكما هي مهرجانات بعض المنتجات الأخرى ومنها البن الشدوي وموز ذي عين وفواكه بالجرشي والعقيق والمندق والتسوق في بعض الأيام التي كانت تشتهر بأسواقها الأسبوعية وهذه جميعها تقام طوال الصيف من باب التعريف بالمنطقة ومكانتها بين مناطق الاصطياف بل إنها تجمع بين الشتاء والصيف لسهولة التنقل بين السراة وتهامة في أقل من ثلاثة أرباع الساعة بين جوين متباينين يخدمان فترتي الصيف والشتاء عند اشتداد البرد وكثافة الضباب وسقوط الأمطار في فصل الشتاء في السراة .
من هذا المنطلق فإن المنطقة تشهد كثافة سكانية في فصل الصيف قد تصل لمليون نسمة من أبنائها العائدين من أمهات المدن إلى جانب السياح من المناطق شديدة الحرارة ودول الخليج الشقيقة مما يستوجب دراسة احتياجاتهم من الفنادق الشقق الفندقية والمفروشة وإعداد البرامج المختلفة عن تلك التي تعودوا عليها في المدن ولتكن من تراث المنطقة وموروثها الشعبي وأن يتم توحيد جهود المواطنين وما أقاموه من مواقع بأموالهم لعرض تراث المنطقة مع جهود فرع السياحة لجمع شتات تراثها تحت سقف واحد كما والمنطقة بحاجة ماسّة لفنادق خمسة نجوم في ظل توقف وإغلاق فندق قصر الباحة لقرابة أربع سنوات وتعطل بناء الفندق الذي كان تحت مظلة مشروعات الجامعة وبحاجة لإعادة وهج الموتيلات القباب الرديفة لفندق قصر الباحة والمنطقة بحاجة إلى دعاية إعلامية منظمة من خلال حملات طوال العام للتعرف على مخزونها الثقافي واشعبي والتعرف على النهضة العمرانية التي جعلتها كمدينة واحدة يخدمها مطار الملك سعود بالعقيق ومئات الكيلو مترات من الطرق المعبدة والمزدوجة والعقاب التي تربط السراة بتهامة بالمناطق المجاورة واعتقد بل أجزم أن في جعبة المستقبل الكثير من البرامج والخدمات التي ستحظى باهتمام سمو الأمير الدكتور حسام بن سعود أمير المنطقة من خلال مشروع تطوير استراتيجية المنطقة التي وجه به سمو ولي العهد –حفظهم الله – وبهذا سيكون للسياحة شانها في الباحة .
انعطاف قلم :
في صيف هذا العام يبدو أن أجزاء شرق غابة رغدان ومساحات أخرى بالقرب من حديقة الأمير محمد بن سعود خرجت عن الخدمة بالإغلاق فهل من إجابة حول ما حصل خاصة وأنها كانت مواقع تقام فيها معارض وبرامج سياحية أسرية وبها مواقع مظللة للجلوس !؟