لا يمكن نسيان المواقف البطولية للشباب من الجنسين، في الكوارث وغيرها فعلى سبيل المثال تجربة شباب جدة في التطوع لمساعدة المحاصرين بكارثة سيول جدة، والتي حظيت بتقدير عالمي، إذ أثبتوا أنهم جديرون بالإشادة العالمية.
من هذا المنطلق، وعلى مستوى الأحياء، لماذا لا يساهم شباب الحي في نظافة الأحياء، كما هو الحاصل عندما يقوم مجموعة من الشباب ذكوراً وإناثًا بتنظيف شاطئ البحر من المخلفات التي يتركها المتنزهون خلفهم، وما ذاك إلا لسوء تربيتهم.
وعلى غرار نظافة الشواطيء والمشاركة في الكوارث وفي غيرها من مجالات التطوع الكثيرة، وللإقبال الشبابي على الفرص التطوعية بهدف الحصول على رصيد من الساعات التطوعية، لماذا لا تطبق فكرة نظافة الأحياء بصفة دائمة؟وتكون الفرق التطوعية الشبابية إما تحت إشراف عمدة الحي، الذي كاد أن ينقرض دوره، أو تحت إشراف مراكز الأحياء أو تكوين مركز تطوعي في كل حي خاص بنظافة الحي، بحيث ينظم الراغبون والراغبات من شباب وشابات الحي صغاراً وكباراً للتطوع، بحيث يشاركون في النظافة في الفترات الصباحية أو المسائية حسب الأوقات المناسبة لظروفهم، فهم بذلك يحققون الأهداف التالية:
أولاً : إماطة الأذى عن الطريق، لاكتساب الأجر والثواب، وهو الهدف الأهم.
ثانياً : مساعدة عمال النظافة الذين يعملون فقط (٦) ساعات يومياً خلال الفترة الصباحية من الساعة السادسة صباحاً وحتى الساعة الثانية عشرة ظهراً وذلك رحمة بهم، حتى لا يتعرضون لشمس الظهيرة الحارقة، وبذلك يستطيع المتطوعون ممارسة العمل في الفترة المسائية التي لا يتوفر فيها عمال البلدية في الأحياء.
ثالثاً : شغل أوقات فراغ الشباب بأعمال مفيدة بدلاً من أن يقضونها فيما لا يفيد، فالتجوال في شوارع الأحياء يومياً يتيح للمتطوع الترويح عن النفس، وممارسة الرياضة من خلال الحركة والمشي في الحي من أجل التقاط المخلفات، فهم بذلك يجمعون بين الأجر والترويح والرياضة البدنية والمحافظة الدائمة على نظافة الحي الذي يسكنون فيه، وبالتالي ينعدم التلوث البصري والصحي في الحي ولا يمنع أن تقدم جوائز للحي المثالي أو النموذجي في النظافة، وذلك على غرار جائزة الفصل المثالي في المدرسة، بهدف تعويد الطلاب والطالبات على نظافة وترتيب وتزيين الفصل وتدريبهم على ذلك عملياً، وأذكر عندما كنت طالباً في التعليم العام كانت تغمرنا السعادة والراحة النفسية نحن الطلاب ومربي فصلنا بعد تنظيف وترتيب وتزيين الفصل وخاصة عندما يحصل فصلنا على الفصل المثالي، فهل لا زال نشاط الفصل المثالي مفعّلاً في المدارس في هذه الأيام؟ فهو نشاط مصغر لتعويد الطلبة على نظافة البيت والحي والمجتمع والمحافظة على مرافق الدولة وممتلكاتها، وقد تعودت شخصياً من المدرسة على تطبيق ذلك في المنزل وفي البيئة الخارجية، ولكن في حقيقة الأمر، تعتبر الأسرة هي أساس تعويد الطفل على النظافة فهي المحضن الأول للفرد.
ولو أن كل فرد توقف ذاتياً عن رمي النفايات في الطرقات، سوف يتم الاقتصاد في استقدام عمال النظافة، والاستفادة من الميزانية في المشاريع البلدية التنموية، وكذلك المحافظة على جمال الطرق والأحياء والمدن بل والدولة بأكملها، فالقاعدة تقول : إذا صلح الفرد صلح المجتمع، ويمكن القول إذا نظف البيت نظف الحي وإذا نظفت الأحياء نظفت المدينة وإذا نظفت المدن نظفت الدولة.
رابعاً : تعويد الأبناء والكبار من أهل الحي وغيرهم من زوار الحي ومرتادي الطرق، على عدم إلقاء المخلفات من نافذة السيارة، والتنظيف الذاتي خلفهم قبل مغادرة المكان الذي كانوا يتنزهون فيه، فقد يعودون إليه مرة أخرى ويجدونه نظيف، وكما أنك تبحث عن الأماكن النظيفة لتستجم وتستريح فيها كذلك غيرك يبحثون مثلك عن الأماكن النظيفة.
خامساً : الوصول إلى الراحة النفسية لجميع أفراد المجتمع: فما يجهله الكثيرون أن النظافة والمنظر الحضاري والترتيب لهم دور كبير في إعطاء الشخص شعورًا داخليًا بالتفاؤل والجمال والحب.
سادساً : الوصول بالمجتمع لمرحلة الرقي والتقدم بين المجتمعات الأخرى: فالنظافة تعكس رقي المجتمعات والبلد، وتجعل المجتمع دائمًا في الصف الأول بين المجتمعات الأخرى من حيث الجمال والرواج السياحي وكثير من الأمور الأخرى.
إن من حقوق وآداب الطريق إزالة ما يؤذي الناس عن طرقهم، والواجب عليك أن تزيل الأذى الذي لست أنت سببه ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث :” مَرَّ رجلٌ بغُصْنِ شجرةٍ على ظَهْرِ طريقٍ ، فقال : والله لَأُنَحِّيَنَّ هذا عن المسلمينَ ، لا يُؤْذِيهِم ، فأُدْخِلَ الجنةَ”
ليس هو الذي رمى هذا الغصن، إنما وجده ساقطاً ووجد الناس يتحاشونه، لذلك إماطة الأذى عبادة توجب الجنة، فأنت لا تؤذي بإلقاء ما في يديك ونحوه وكذلك إذا رأيت شيئاً فافرح به لتزيله عن الطريق.
قال تعالى:
” فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ..”
انعطاف القلم:
انتشرت صورة لسائح ألماني في صحراء مصر يحمل مطفئة السجائر في جيبه حتى لا يرمي عقب سيجارته على الأرض رغم أنها صحراء قاحلة
من هنا تنهض الأمم
مستشار أسري واجتماعي
بمستشفى الملك فيصل بمكة المكرمة عبدالرحمن حسن جان
ماجستير خدمة اجتماعية
للتواصل مع الكاتب:
Abdulrahmanhjan@gmail.com