في حديث ودي كلما اجتمعت فيه مع صديق، جاء تعبيرٌ مضحك حينها يقول فيه: “أعتبر نفسي متوفى وعلى قيد الحياة منذ عام كذا”
ضحكت بينما أسأله عن سر هذا العام ولم يزده سؤالي إلا ضحكًا دون رد، بينما يردد: “من عام كذا وأنا أعيش بين الناس رغم وفاتي”، لم أعد أتذكر هذا الموقف حتى هذا اللحظة، لم يكن الأمر مضحكًا هذه المرّة.
تسائلت عن إجابة هذا السؤال بجديّة بينما تتسع عيناي فزعًا مما يختبئ خلفه، تسائلت: هل يمكن لحدثٍ أن يمحو كل الألوان التي تمر بعده ويكسوها بالسواد؟ هل سأعيش يومًا بين الأحياء شاعرًا بالوفاة؟
تأملت حينها فكرة صديقي الطبيب الغائب الذي كان يقول لي: إذا واجه الإنسان حدثًا صعب التقبّل، سيملك مهلة ليتقبّل ذلك، لكنه حين لا يفعل؛ يؤثر هذا الحدث فيه بشكل أكبر، لدرجة أن يحتاج إلى مساعدة لينجو، وإن لم تصل إليه تلك المساعدة سنصل إلى اليقين بأن هذا الإنسان قبل الحدث كان شخصا آخر بعده”.
أسأل نفسي الآن حول ما إذا كنت سأحتاج لزيارة طبيب نفسيّ، لأن وافدًا ودودًا من إحدى الدول العربية أخبرني: “الإنسان يحتاج باستمرار لطبيب أسنان وطبيب نفسي”!
استدركني حينها حديث ياسر الذي يقول: “كل ستة أشهر أذهب لزيارة طبيب نفسي للحديث معه وإن كنت أظن أني بخير”.
لكن أليس الاعتراف بزيارة طبيب نفسي يعدّ من خوارم المروءة فيما أعرفه؟
لا أعلم ما الداعي لكل هذه الأفكار الرتيبة وما رسالتها الأخيرة؟
أظن الآن أنها تأكيد على حاجة ماسّة للتوعية بالصحة النفسيّة، ونشر ثقافة الأهمية لوجود من يمكنه إعادة الألوان إلى اللوحة الباهتة الرمادية بكتمانها.
0