المقالات

التوائم المنفصلة: نجاحات متتابعة

لا يمكن لأي عاقل تجاهل الإبداع الذي وصلت إليه المملكة العربية السعودية والريادة في أمر تميزها على مستوى دول العالم في المجال الصحي. وليست مبالغة أن نقول إن فصل التوائم السيامية الذي يقوده معالي الدكتورعبد الله الربيعة وفريق من الأطباء السعوديين أصبح اليوم بمثابة “براند” وماركة مسجلة للمملكة العربية السعودية والتي أطلق عليها بسبب من توجهها الإنساني “مملكة الإنسانية”. فالدكتور عبد الله الربيعة الذي قام بأول عملية فصل توائم سيامية: هو السبب الأول والأهم في شهرة السعودية بعمليات فصل التوأم حيث تمت جميع عمليات فصل التوائم المُلتصقة في المملكة العربية السعودية بإشراف مباشر من وزير الصحة السعودي السابق الدكتور عبد الله الربيعة والذي يُعد حاليًا من أهم الجراحين عالميًا في عمليات فصل التوائم.

أُجريت أول عملية فصل توائم ملتصقة في المملكة العربية السعودية في 31 ديسمبر 1990 لتوأم سيامي سعودي ملتصق في منطقة البطن، وتمت العملية في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض على يد الدكتور عبد الله الربيعة، وبعد نجاح العملية توالت عمليات فصل التوائم في المملكة فكانت العملية الثانية من نصيب التوأم السوداني سماح وهبة واللتين تمت ولادتهما بالتصاق في البطن والحوض ومنطقة أسفل الصدر، وقد استغرقت العملية 18 ساعة متواصلة وكللت بالنجاح، أما العملية الثالثة فكانت فصل التوأم السعوديتين سمر وسحر واللتين كانتا أيضًا ملتصقتين في أسفل الصدر والبطن والحوض ثم توالت النجاحات بشكل أذهل المتخصصين في هذا المجال من الجراحات المعقدة.

جدير بالذكر أن عملية فصل التوأم اليمني الأخيرة قبل عدة أيام مودة ورحمة والتي تكللت بالنجاح وأصبحت حديث وسائل الإعلام العالمية مؤخرًا هي العملية رقم 52 ضمن البرنامج السعودي لفصل التوائم السيامية، والتي شملت أكثر من 124 توأمًا من 23 دولة تنتمي إلى ثلاث قارات.هذه النجاحات المتلاحقة لم تأت عبثًا ولا صدفة فقد استثمرت المملكة العربية السعودية ومنذ عقود طويلة في البعثات لكافة التخصصات الصحية مع تركيز كبير جدًا على ابتعاث الأطباء لأفضل الجامعات العالمية للتدريب والدراسة وما هذه النجاحات إلا بتوفيق الله أولًا ثم خطة استراتيجية تؤتي ثمارها اليوم بتصدر المملكة لهذا النوع من الجراحات المتقدمة جدًا.

لقد حقق الفريق الطبي المكون من عشرات الأطباء والممرضين والكوادر الطبية في أكثر من تخصص في كلٍّمن مستشفى الملك فيصل التخصصي، ومن ثم مدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني الذي يقوده معالي المستشار في الديوان الملكي الجراح الدكتور عبدالله الربيعة أرقامًا قياسية عالمية في عدد التوائم المنفصلة حتى اليوم كما حقق رقمًا قياسيًا في عدد ساعات العمليات التي تم فيها فصل التوائم بنجاح وبدون مضاعفات. ليس هذا فحسب، فثمة إنجازات أخرى على هذا الصعيد فهذه العمليات تقدم للتوائم وأسرهم بدعم مادي كامل من حيث تكاليف العلاج والسفر والإقامة ومتابعة معنوية مباشرة من القيادة الرشيدة يحفظها الله ومن لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يحفظه الله وفي هذادلالات كبيرة على أن تبني هذا التوجه ليس هو فقط ما منح المملكة العربية السعودية مكانة وسمعة طبية عالمية وإنما مكانة إنسانية كبيرة شملت دولًا عربية كاليمن ومصر والأردن والسودان، ودولًا أخرى مثل بولندا والكاميرونوباكستان وماليزيا تم فصل توائمها بدعم مادي سعودي مما لا يقدمه أي نظام طبي في العالم مهما كان تقدمه.

ولأن ما يحدث هو عمل استثنائي بكل المقاييس فقد قدمت الأديبة الرومانية دومنيكا اليزل الجراح الربيعة كبطل لرواية أوروبية كتبتها تعبيرًا عن امتنانها لما قام به من أعمال. وأهدت أول نسخة منها إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز يرحمه الله لرعايته تكاليف العملية. هذا النموذج المشرف من النجاحات المتلاحقة لفصل التوائم السيامية ليس هو الوحيد أو الأخير الذي أنتجته هذه الأرض المباركة،لكنه بلا شك واحد من عشرات الأوجه الوطنية المشرفة التي حفرت للوطن مكانة خالدة في صفحات التاريخ التي لاتخلد إلا العظماء.

*جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى