المقالات

دار التربية الاجتماعية بعسير

حقيقة لا أعلم أسباب المشكلة التي وقعت بدار التربية الاجتماعية للبنات بمنطقة عسير، فلم يعلن عن الأسباب بعد، فلعل الأسباب تكون مشتركة من جانب النزيلات، ومن جانب مشرفات وإدارة الدار والعاملات، وهذا ما أرجحه لأن أي مشكلة في الغالب تكون مشتركة بين طرفي المشكلة، وقد تكون الأسباب من جانب نزيلات الدار فقط، كحرمانهن من خدمات أو احتياجات معينة، أو لعدم سماح إدارة الدار لهن بممارسة سلوكيات مرفوضة تخالف القوانين والأنظمة، ولعل الأسباب تكون من جانب إدارة ومشرفات الدار فقط، تتعلق بسوء معاملة الفتيات، فقد تكون العاملات أو بعضهن ليس لديهن الخبرة والمهارة المهنية وغير متخصصات في فن التعامل مع الحالات الإنسانية التي تحترم كرامة الإنسان ومشاعره، وتقبل نزيلات الدار كما هن وليس كما ينبغي أن يكن، وهذا لا يعني ترك الحبل لهن على الغارب، وعدم التدخل الاجتماعي والتربوي -فيما بعد- لتعديل سلوكيات النزيلات غير المرغوب فيها، فالمساءلة من البداية تحتاج من العاملات مهارة من أجل احتواء النزيلات وتكوين علاقة مهنية معهن، لكسبهن بهدف التمكن من التأثير عليهن واقناعهن بتعديل السلوكيات السلبية، وهذا الأمر كما أسلفت يحتاج إلى بناء العلاقة المهنية بين جميع العاملات وبين النزيلات لتكون العلاقة إيجابية بينهن، وتكون بيئة الدار بيئة جاذبة تتوفر فيها البرامج والأنشطة المتنوعة التعليمية والترفيهية التي تشغل فراغ النزيلات، لا بيئة منفرة وطاردة، خالية من البرامج الملائمة للفتيات، والعلاقات متوترة بين العاملات وبين النزيلات، وبين النزيلات بعضهن البعض، لذلك يحتاج الأمر إلى ملاحظة ودراسة وتشخيص المشكلات وإيجاد الحلول.

وهذا هو المتوقع والمأمول من دور التربية الاجتماعية والملموس على أرض الواقع، فالزائر لهذه الدور يشاهد الكم الهائل من الخدمات والبرامج والأنشطة المتنوعة الداخلية والخارجية، كتوفر الألعاب، والأجهزة الرياضية، والمسابح، والملاعب، والساحات الخضراء، وتنسيق الرحلات الخارجية ، وكذلك الرعاية النفسية للنزيلات، ومتابعتهن من قبل أخصائيات الدار اللاتي يتابعن الطالبات في المدارس، وعلاوة على ذلك، استذكار لهن دروسهن ومتابعة دراستهن والواجبات المدرسية، وكل تلك الخدمات والبرامج والرعاية داخل دار التربية قد لا تتوفر في المنازل وفي الأسر الطبيعية.

كل ما سبق كان مجرد فرضيات، قابلة للخطأ أو الصواب، ومهما كانت الأسباب، كان المتوقع من إدارة الدار، والمشرفات، وجميع العاملات، امتصاص غضب النزيلات، وعدم الدخول معهن في صراع قد يؤدي إلى عواقب وخيمة كما حصل مؤخراً في دار التربية الاجتماعية بعسير.

إن امتصاص غضب النزيلات، وتلبية وإشباع احتياجاتهن، بأسلوب المهاودة واللين، لتجنب احتدام النقاش، وفقدان الأعصاب، والهياج، والتكسير، والتخريب-حتى وإن كانت طلبات النزيلات مخالفة للأنظمة والقوانين-يعتبر حيلة وخدعة وسياسة، وقرار حكيم وذكي للسيطرة على الموقف من قبل المسؤولين في الدار، لتهدئة الوضع، وتأجيل العقاب ومحاسبة النزيلات المشاغبات والمتعديات على مرافق وأموال الدولة، وذلك في وقت لاحق، ففي وقت الهدوء والسكينة، يستطيع المسؤول إتخاذ القرار الصائب والسليم.

مستشار أسري واجتماعي
بمستشفى الملك فيصل بمكة المكرمة

عبدالرحمن حسن جان
ماجستير خدمة اجتماعية

للتواصل مع الكاتب:
Abdulrahmanhjan@gmail.com

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. سعادة أخي الكريم الأستاذ عبدالرحمن من المعلوم أن اي قضية او مشكلة تقع لابد من وجود أسباب ومسببات من أطراف القضية ، وكلا يدعي بأنه محق فيما حدث ، والحقيقة لا يعلم جوانبها المختلفة إلا الله عز وجل ، ثم تجتهد الجهات المختصة لمحاولة الوصول لأكثر ما يرجح الحقيقة ، جزاكم الله خيرا وأعانكم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى