لا يخفى على أحد ما تشهده المملكة من حركة ثقافية كبيرة في السنوات الأخيرة، انعكست أيضًا على صناعة الكتاب وحركة النشر والترجمة، وهو ما يُبشر بمزيد من النشاط والحيوية الثقافية في الشهور والسنوات المقبلة.
ولعل هذا الشهر وحده يشهد حدثين ثقافيين كبيرين، محليًا وإقليميًا ودوليًا، هما إطلاق هيئة الأدب والنشر والترجمة، مؤتمر الناشرين في نسخته الثانية 27 و28 سبتمبر القادم، يعقبه مباشرة معرض الرياض الدولي للكتاب خلال الفترة من 29 سبتمبر إلى 8 أكتوبر.
وعلى الرغم من علاقة الحدثين بصناعة الكتاب، إلا أن لكل منهما أثره الكبير في مجالات مختلفة، خاصة إذا عرفنا أن المملكة تعتبر واحدة من أكبر الدول العربية في مجال صناعة الكتاب والنشر، بفضل الرعاية والاهتمام المتواصل من قبل القيادة -حفظها الله- بتهيئة البنية التحتية، التي تمكّن الثقافة السعودية من الوصول إلى المجتمعات الأخرى، بجانب دعم المثقفين والكتّاب السعوديين، والحرص على التبادل الثقافي بين المملكة وبقية دول العالم.
وفي هذا الإطار يبحث مؤتمر الناشرين مستجدات صناعة النشر المحلية والإقليمية والدولية وسط مشاركة من خبراء وقيادات في قطاع النشر وصناعة الكتاب من مختلف دول العالم، ليناقشوا آلية تصدير الثقافة السعودية إلى الخارج، وآلية بيع وتداول حقوق الملكية الفكرية، إلى جانب تحديات النشر وسبل الاستفادة من الثورة الرقمية، وتقديم أفضل الممارسات الدولية في تسويق الكتب وطباعتها ونشرها وترجمتها.
ووفق تلك الرؤية الواسعة وما تحمله من استراتيجية عميقة، تقدمها وزارة الثقافة السعودية خلال السنوات الأخيرة في كافة خطواتها الدؤوبة، يبرز الهدف ويتضح الطريق نحو ترسيخ الثقافة السعودية محليًا، ونقلها إقليميًا وعالميًا، لكي يتعرف العالم على ما يحمله مجتمعنا من ثقافة وأصالة وتراث وتاريخ كبير من الأدب والفكر والحضارة؛ خاصة وأن مؤتمر الناشرين يأتي بالتزامن مع معرض الرياض الدولي للكتاب، والذي يعد جسرًا ثقافيًا لفهم الآخر، ومساهمًا رئيسًا في الحراك الثقافي الوطني، وبما له من له إسهامات عميقة في المشهد الأدبي والثقافي السعودي.
ولعل اللافت فيما تشهده المملكة من حراك ثقافي كبير، هو أن معرض الرياض الدولي للكتاب، هو المعرض الثاني الذي تشهده المملكة هذا العام، بعد معرض المدينة المنورة، كما تنتظر الحياة الثقافية المعرض الثالث أيضًا في جدة نهاية العام، ضمن مبادرة “معارض الكتاب”، والتي تسعى هيئة الأدب والنشر والترجمة من خلالها إلى أن تجعل من المملكة بوابة عالمية لقطاع النشر، وتشجع التبادل الثقافي، وهو ما يؤكد بكل دليل ما أشرنا إليه من تلك الرؤية الواسعة لوزارة الثقافة لتكريس الثقافة كنمط حياة في وجدان المواطن السعودي، وتصديرها للمجتمعات الأخرى لكي تتعرف على ما نحمله من عُمق، وما نقدمه من قيمة.