المقالات

مجد أمة.. وفرحة شعب

في هذه الأيام.. تعيش بلادنا العزيزة فرحة يومها الوطني، ويحتفي وطننا الغالي – قيادةً وشعبًا، ذكرى خالدة نستعيد معها ماضيًا تليدًا أسّس لهذا الحاضر الزاهر، وهي ذكرى إعلان المؤسس الباني الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – توحيد هذه البلاد المباركة تحت راية: (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وإطلاق اسم: (المملكة العربية السعودية) عليها، في التاسع عشر من شهر جمادى الأولى من عام 1351هـ، بعد كفاح استمر 32 عامًا، أرسى خلالها الملك المؤسس قواعد هذا البنيان على هدي كتاب الله الكريم وسنة رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم، سائرًا في ذلك على نهج أسلافه من آل سعود، لتنشأ في ذلك اليوم دولة فتية تزهو بتطبيق شرع الإسلام، وتصدح بتعاليمه السمحة، وقيمه الإنسانية في كل أصقاع الدنيا، ناشرة السلام والخير والدعوة المباركة، باحثة عن العلم والتطوّر، سائرة بخطى حثيثة نحو غد أفضل.
في هذا اليوم التاريخي، نستعيد سيرة الملك المؤسس – رحمه الله – الذي جمع قلوب أبناء وطنه، فأرسى قواعد راسخة لبنيان شامخ، بعد أن وحّد البلاد وجمع شتات أبنائها تحت راية التوحيد، ليضع بذلك حجر الأساس الذي قامت عليه مملكتنا الفتية، كدولة ترتكز في كل توجهاتها على كتاب الله وسنة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، والذي أرسى منهجًا قويمًا سار عليه أبناؤه الملوك البررة من بعده، ليزداد البناء أمنًا ورسوخًا واستقرارًا، يتفيأ ظلاله المواطن والمقيم والحاج والمعتمر والزائر، وليتحقّق لهذه البلاد المترامية الأطراف ولمواطنيها والمقيمين في أرضها، الخير الكثير الذي نتج عنه وحدة أصيلة حقّقت الأمن والأمان بفضل من الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل جهاده وعمله الدؤوب، فكانت أمنًا وأمانًا وبناء ورخاء، ليستعيد أبناء المملكة، ذكرى اليوم الوطني المشرقة، بكل فخر واعتزاز وتقدير للمؤسس الباني الملك عبدالعزيز آل سعود – طيب الله ثراه -.
وها هي المملكة اليوم تعيش واقعًا جديدًا، خطّط له مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسيدي.. عضده وسنده وولي عهده الأمين – حفظهما الله – مدعومًا ببعض المشروعات العملاقة والجبارة، لبناء مجتمع متماسك، عماده الوحدة الوطنية، لتحفل سيرتهما العطرة – أيدهما الله – بالعديد من الإنجازات الجبّارة والعطاءات الكبيرة والمتواصلة، والتطور الهائل في جميع المجالات، والتي منها إطلاق رؤية السعودية 2030، وكذلك إطلاق برنامج التحوّل الوطني لعام 2020، لضمان مستقبل أفضل للمملكة ومواطنيها، وضمان جودة الحياة في مختلف مدنها ومناطقها، والذي يُجسِّده السعي لإدراج ثلاث مدن سعودية في قائمة أفضل 100 مدينة في العالم بنهاية عام 2030، ضمن برنامج جودة الحياة الذي أطلقه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وتنفيذ مشروع “نيوم”، وما يضمه من مشروعات فرعية، والذي يُعتبر فرصةٌ لا مثيل لها لنمطٍ جديد من المعيشة المُستدامة، والابتكار التقني، والتقدّم البشري.
ولعلّه من الصعب.. بل من المستحيل تتبع ورصد سلسلة المُنجزات المُبهرة التي تحقّقت في هذا العهد الزاهر المشرق، عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسيدي.. ولي عهده الأمين – حفظهما الله -، والتي منها ما تشهده مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنوّرة في كل عامّ من مشروعات كبرى، وما يتحقّق فيها من أعمال ومُنجزات ضخمة، يُدرك مدى ما توليه القيادة الرشيدة من رعاية وعناية بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وبكل ما يوفر الراحة والطمأنينة لضيوف الرحمن، والتي منها خمسة مشروعات خاصة بتوسعة مسجد الحرام في مرحلته الثالثة، بالإضافة إلى مشروعات توسعة المسجد النبوي الشريف، والمخططات الخاصة بدرب السنة، وتوسعة مسجد قباء بالإضافة إلى مشروع دار الهجرة وبقية المشروعات المتعلقة بذلك. كما أنّ من أولوياتهما – حفظهما الله – بناء الإنسان السعودي المؤهل والقادر على الإنجاز والعمل المبدع، ليتم ضخ دماء جديدة وشباب مخلصين قادرين على قيادة المملكة، وذلك بإتاحة الفرص لفئة الشابة لتولي مناصب عليا ومهمة في البلاد، وتمكين المرأة السعودية من العمل، وتوفر العديد من الوظائف لها، ممّا شجعها على تولي العديد من المناصب العليا، ومنحها حق المشاركة في الانتخابات، ليثبت الشباب والشابات السعوديون، جدارتهم وتميزهم في الكثير من الأعمال والتخصصات.
إن تنمية الاقتصاد الوطني السعودي دون الاعتماد على النفط بشكل رئيس كمصدر وحيد للدخل القومي، يعد من أهم الإنجازات في تاريخ المملكة الاقتصادي، ويُعتبر تحوّلًا اقتصاديًا غير مسبوق، هذا بجانب الاهتمام بالقطاع الحكومية عبر تطوير المواقع الوزارية، والاهتمام بالقطاع الخاص من خلال تطوير الخدمات والمرافق وفقًا لمتطلبات المواطن السعودي، والقضاء على مكامن الفساد المالي والإداري في قطاعات الدولة، والحرص على تحقيق العدالة بين جميع المواطنين، والاهتمام بالقطاع الإسكاني لسد احتياجات المواطن من السكن بشكل كبير. كما سجّل التعليم في عَهد المَلك سلمان وولي عهده الأمين، قفزات نَوعية اشتملت على رفع جودة التعليم يإدارة وهيكلية مؤسساته، بعدَ أن تم دمج التعليم العام مَع التعليم الجامعي، وتطوير الجامعات السعودية والبحث العلمي، وتحويل التعليم إلى تعليم إلكتروني رقمي، ودمج وإدخال الذكاء الاصطناعي في المجالات التعليمية، وتأسيس المراكز الخاصة بالتفوق العلمي، وكذلك إطلاق مشروع تنمية الإبداع والتميز للهيئات التدريسية. كما يُعتبر “الأمن السيبراني”، مِن المجالات المُهمة التي مُنحت أهمية كبيرة، فتمّ تطوير هذا المَجال بشكل مُلاحظ، لتحقق المملكة المرتبة الثانية على مستوى العَالم في شهر يونيو مِن العام 2021م بمشاركة 193 دَولة في مؤشّر الأمن السيبراني العَالمي، بالإضافة إلى وجودها على قمّة الدول العربية والآسيوية في مؤشر “الأمن السيبراني”. هذا بالإضافة إلى الاهتمام بالطلاب والطالبات من المبتعثين في الخارج، ليتم استحداث برامج البعثات، وصدور الأمر الملكي بإلحاق المبتعثين على حسابهم الخاص ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي.
بحنكته ومهارة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسيدي ولي عهده الأمين في القيادة – أيدهما الله -، تمكّنت المملكة من تعزيز أدوارها في الشأن الإقليمي والعالمي، وعلى مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والتجارية، وأصبح لها وجود أعمق في المحافل الدولية وفي صناعة القرار العالمي، وشكّلت عنصر دفع قوي للصوت العربي والإسلامي في دوائر الحوار العالمي على اختلاف منظماته وهيئاته ومؤسساته، حيث دخلت المملكة ضمن العشرين دولة الكبرى في العالم، وترأست القمة الاستثنائية لقادة دول مجموعة العشرين (G 20) لعام 2020، وبذلت جهودًا مُقدّرة للبحث عن توافق دولي حول بعض القضايا العالمية، كقضايا الطاقة والمناخ والاقتصاد الرقمي والرعاية الصحية والتعليم وغيرها، بالإضافة إلى قيادة المملكة لمنطقة الشرق الأوسط في مجال حماية كوكب الأرض، ومبادراتها المتميّزة في تجنيب الإنسان والنبات والحيوان مؤثّرات التغيّر المناخي، كما بذلت مساعي جبارة لتوحيد الجهود العالمية لمواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية لجائحة كورونا (كوفيد-19)، وحافظت المملكة على الثوابت الإسلامية، واستمرت على نهج الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – يرحمه الله – فصاغت نهضتها الحضارية.. ووازنت بين تطورها التنموي والتمسك بقيمها الدينية والأخلاقية، لتحقق نهضة شاملة في شتى المجالات، ينعم بها كل مواطن ومقيم في هذه البلاد الغالية – حرسها الله –، وذلك لأن المملكة تمثل القلب النابض للعالمين العربي والإسلامي، والدولة المحورية التي تلتف حولها سائر الدول العربية والإسلامية، بل بلدان العالم ككل.
ختامًا؛ وبهذه المناسبة التاريخية الغالية والعزيزة، مناسبة ذكرى اليوم الوطني الثاني والتسعين لبلادنا الحبيبة، يسرّني ويشرفني أن أرفع أسمى عبارات التهاني والتبريكات إلى مقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإلى مقام سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، وأسأله سبحانه وتعالى أن يديم على هذه البلاد أمنها وأمانها وتقدمها ورخائها، وأن يحفظ لنا قادتنا وولاة أمرنا، وأن يُسدِّد في طريق الخير خطاهم.

* أستاذ الهندسة البيئية والمياه المُشارك، بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى