ومضةُ الحبّ بدؤها الإعجابُ
وكثيرٌ من الغرامِ عذابُ
الخياراتُ لا تصحُّ عليه
فهو شيءٌ بطبعه غلّابُ
معه يُصبحُ الجمادُ يماماً
وتغنّي الجبالُ وهيَ هِضابُ
وتكونُ النُّفوسُ أرقـى وأنقى
حين يُرخي من قبضتيهِ التُّرابُ
يُولدُ الحُبُّ في الوجود غريباً
فالمحبون كُلُّهم أغرابُ
يا (رحابَ الجلالِ) أصعبُ شيءٍ
حين نهوى أن يَصْعُبَ الإعرابُ
وألذُّ الغرامِ ما كان لُغزاً
وسؤالاً وليس عنه جوابُ
بيننا في الهوى رباطٌ وثيقٌ
كلّما جدَّ جدّت الأحقابُ
وفصولٌ من الوفاءِ طوالٌ
حرستها أسِنّةٌ وحِرابُ
فنَمَتْ في القُلوبِ روضَ مَعانٍ
فوقه من هوى القُلوب سحابُ
التّضاريسُ نخوةٌ وفِداءٌ
حمحماتٌ، مُسوّماتٌ عِرابُ
وشُموسٌ مُضيئةٌ وحُداءٌ
ورمالٌ أبيّةٌ ورِكابُ
وأغانٍ، وجمرة، ورحيلٌ
وصِعابٌ من خلفهنّ صِعابُ
ونداءٌ من السماء وطُهْرٌ
ورسولٌ وقبلةٌ وكتابُ
وصباحٌ مُغرّرٌ بالأماني
أعلنته مآذنٌ وقِبابُ
وكيانٌ على التُّقى كوّنته
تضحياتٌ، ومُلهِمٌ لا يَهابُ
وإذا آمنَ المَحِبُّ بحُلْمٍ
فُتحت قبل خطوه الأبوابُ
يا (رِحابَ الجلالِ) هل أنتِ أنتِ؟
أم أنا أنتِ، أيُّنا المُرتابُ؟
وإذا لم يكُن مع الحُبّ طيشٌ
وجنونٌ، وخفقةٌ، واضطرابُ
فهو طيفٌ يلوحُ حيناً ويخبو
مِثلَ ما لاح في الفلاةِ سرابُ
أنتَ سرٌّ في كلّ شيءٍ جميلٍ
ولهذا لا تحتويك رِحابُ
لُغةٌ لا تموتُ، قصّةُ عشقٍ
ودعاءٌ لعاشقٍ مُستجابُ
وإذا ضاق من حُضوركَ قلبٌ
فبماء السماء غصّت شِعابُ
حسدُ الحاسدينَ داءٌ قديمٌ
معه لا يُقالُ ما الأسبابُ؟
كرهوا أن تكون بدراً مُضيئاً
في دُجاهم، وأن حضرتَ وغابُوا
لوجيبِ القلوبِ وجهانِ: وجهٌ
خطأٌ فاحشٌ، ووجهٌ صوابُ
يا (رحابَ الجلالِ) ما زلتَ نهراً
للمعالي، نَمِيرُهُ مُنسابُ
أغضبَ المفلسين ما أنتَ فيه
فأفاضوا بالموبقاتِ وعابُوا
نسجوا ألف خُطةٍ، واستعدّوا
للقاءٍ يتمُّ فيه الحِسابُ
فاتّحدنا صفاً مليكاً وشعباً
وانتصرنا على الظلام وخابوا
كان عنّا من هيبةِ الله سُورٌ
حلّ من خلفِه عليهم عذابُ
علّمتنا الحياةُ أنّ المعالي
صيدُ في المجدِ مَن له أنيابُ
إنّما يحرُسُ الكرامةَ قلبٌ
نبويٌّ، وعالمُ اليومِ غابُ
منذُ أينعتَ في هجير الصحاري
حقل حُبٍّ والمجدبون غِضابَ
أنت أيقونةُ الحياةِ، مدارٌ
شاعريٌ والكارهون خرابُ
يُنبتُ المجدُ عاجزاً وحقوداً
في رؤاه أنّ النجاحَ عِقابُ
قَدَرُ المبدعينَ أن يستفِزّوا
مُفلِساً مجدُهُ أذىً وسِبابُ
كُلّما أبهجُوا الحياةَ بمعنى
قهرتْهُ وساوسٌ واكتئابُ
يا (أجلَّ الرّحابِ) ضِيقُ الأعادي
مُستساغٌ لو دمدموا واسترابوا
واستماتوا في موتنا وتنادوا
فعدوّ الحدائقِ الحطّابُ
ومتى استحسنَ المُكابرُ وعياً
وتغنّى على الضِّفافِ غُرابُ؟
إنّما كيف تستحيلُ الخلايا
مصنعاً فيه تُنتجُ الأوصابُ؟
ولماذا يضيقُ بالحُبِّ قلبٌ
وعلى الحُبِّ يثأرُ الأحبابُ؟
جارحٌ أن تُصيبَ قلباً وفيّاً
ومُميتٌ مِمّن تُحبُّ تُصابُ!
يا (أجلَّ الرِّحابِ) آتونَ عشقاً
استجابوا لصوته.. ما استجابوا
ما عشقنا إلا لنحيا كِباراً
دون حُبٍّ كُلّ الحياةِ يبابُ
ومتى تاب عاشقٌ عن هواه؟
ما عرفنا أنّ المحبين تابوا!
كُلّما أذنبوا من العشقِ زادوا
كّلّ ذنبٍ لهم عليه ثوابُ!