المقالات

دور وسائل التواصل الاجتماعي في تفكك الأسرة

تُعد الأسرة أهم وحدات بناء المجتمع وأحد أهم دعائمه في تحقيق الاستقرار، فهي تسهم في تكوين جوانب شخصية الفرد العقلية والجسمية والاجتماعية والأخلاقية، كما أنها تُعد المسرح الأول لبناء العلاقات الإنسانية والتنشئة الاجتماعية وتدعيم روابط المجتمع وبناء أسس علاقاته التي يعتمد عليها في البناء والتكوين؛ فعليهـا يُعـول تقـدم هـذه المجتمعـات وتخلفها، فالأسـرة السـوية التـي قوامهـا الحـب والتفـاهم والاحتـرام؛ مصـدر خصـب لـنشء صـالح يسـهم في تنميـة المجتمـع وتطـوره، وقيـادة مسـتقبله نحـو الأمـن الشـامل، والاسـتقرار، والطمأنينة، والرخاء.
وعلى الرغم من أهميـة هـذا الـدور؛ إلا أنـه في بعـض الأحيـان قـد يحـدث خللاً بـين أفرادها يعوق مسيرته، وينعكس سلباً على منظومتها بالتفكك والانهيار، والتأثير السلبي على الصحة النفسية والجسدية لأفرادها بالعزلة والانطواء عن المجتمع.
والجدير بالذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي تعـد أحـد أهـم الأسـباب التـي أحـدثت خللاً واضحاً في العلاقــات الأســرية؛ مــن منطلــق دورهــا الرائــد في حيــاة الفــرد اليوميــة واستحواذها على حيز كبير من وقته، لإشباع احتياجاته الاتصالية، التي يأتي في مقدمتها مطالعة الأخبار والتسـلية والترفيـه والتواصـل مـع أفـراد أسـرته والمجتمـع المحلـي والـدولي علـى حد سواء وتكـوين الصـداقات، حيـث تصـفح مواقع التواصل الاجتماعي منها: مشاهدة اليوتيوب YouTube ، وإطلاق التغريدات على التـويتر Twitter ومشـاهدة آلاف الصـور التي يحويها الإنستغرام Instagram ، بحيث يجد الفرد نفسـه في نهايـة اليـوم أنـه قضـى الكثير من وقته مستقبًلا ومستهلكًا لما تقدمه تلك المواقع.
وتتضــح الانعكاســات الســلبية لتطبيقــات التواصــل الاجتمــاعي علــى الأســرة، بـالاغتراب وإدمـان الإنترنـت، خاصـة مـع الفـراغ الكبيـر الـذي يعـاني منـه الأفـراد كبـاراً كانوا أم صغاراً، بحيث أصـبحوا جزءاً منهـا وتغيـرت معـادلتهم ورؤيـتهم لأنمـاط التواصـل الواقعي، واعتمادهم على العالم الافتراضي الذي تقدمه لهم تلك المواقع، والذي يوفر لهـم الحرية المطلقة لعرض أفكارهم ومشاعرهم دون قيـود للمكـان أو الزمـان، أو حتـى لتقاليـد المجتمــع الـذي ينتمــون إليـه أو حتـى صــعوبة في الاسـتخدام؛ ممـا أدى إلــى عـزل الأفــراد وتفكيك العلاقات بينهم، وعزلهم عن بعضـهم الـبعض وتوحـدهم مـع هـذا العـالم الافتراضـي ليصـل إلـى الوحـدة الأساسـية للمجتمـع ألا وهـي الأسـرة والتـي بتأثرهـا سـلباً يتأثر المجتمع كله وينهار.
وفي النهاية ينبغي أن تظل تلك الوسائط أدوات في أيدينا نستخدمها ولا تستخدمنا، نملكها ولا تملكنا، نتعامل معها بقدر الحاجة ولا نستسلم لما تفرضه علينا من قيم دخيلة.

د. نجوى بنت ذياب المطيري

دكتوراه أصول التربية بجامعة المجمعة - مجلس شؤون الأسرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى