في حياتنا المتسارعة مشاهد يومية ثابتة وبعضها عابرة تحمل العديد من التساؤلات التي نجد لها الإجابة الحاضرة مباشرةً. وهناك تساؤلات معينة نتعب كثيراً حتى نصل إلي عمق إجاباتها، وهنالك تساؤلات مرهقة لا إجابة لها أبداً فهي تدفن مع أصحابها..! وهنا لاندري أحياناً إلي أين نتجه فأحوالنا المتعاقبة تتغير باستمرار تارة مع من نحب فيتبدل الود والحب إلي بعض الألم والأسى، ومع من نصادق تارة أخرى فتظهر فجأة بعض الجفوة والقسوة، وأيضاً مع من نجاور تفتر المحبة والمودة بغتة، ومع من نزامل تختل علاقتنا بلا أي مقدمات تذكر.
وتنتابنا الحيرة داخل نفوسنا فيما أصابنا من اعتلالات ونتساءل هل هي طارئة ولها مبرراتها المقنعة بسبب تحول بعض القناعات أم هي لانحراف الأمزجة؟ أم طبيعية موجودة مضت على كل البشر وستمضي علينا عبر معترك الحياة. ويأخذنا الخوف بعيداً فيما قد يصيبنا من جرائها من تراخي أوفراق لا نطيقه ولا نوده ولا ينبغي أصلاً. ويأخذنا القلق فلا نأمن في كل ما حدث وفي كل ما قد سيحدث. وفي المجمل أصبحت الحيرة سيدة الموقف في جميع تفاصيل حياتنا القصيرة. ويتوالى بحرقة حديث النفس التائهة عبر أحاسيسها المضطربة؛ لتبحث عن صدق الإجابة بين جنباتها عساها تجدها.
إن الشعور الداخلي بالحزن والضيق نتيجة البعد أو تناقص الأحاسيس الدافئة بعد علاقات اجتماعية متميزة مع من هم من قلوبنا أقرب، أوحتى أبعد يدخلنا في دائرة رحيبة من التفكير الشخصي العميق عبر البحث الدقيق عن حقيقة سلامة دواخل أنفسنا وصلاحها، وعن توفر حسن الظن فينا وجماله، وعن استحضار التجارب الماضية واستنباط فوائدها. ويأخذنا أيضاً التأمل كثيراً وفي منحنى مقارب؛ لإدراك وقائع النفس البشرية وما يعتريها من تقلبات دائمة نتيجة تأثير ضغوطات الحياة المستمرة تجعل الإنسان منا يبحث عن صائب المعارف والمهارات؛ لعلها تفيدنا في فهم ما يحدث لنا، أو ليفسر سر هذه الظروف المنهكة. فما يحمله الإنسان من هموم أكبر من أن يتحمله رقيق قلبه.
وعلى أي حال السعيد من بيننا من تفكر واعتبر من غيره.. فالقصص عديدة والأحداث مختلفة. ومن المهم جداً فهم حقيقة الحياة والتي بنيت على كدر وطويت على غرور فمن المؤكد أن ذلك يقودنا إلى الكشف عن الكثير من المتناقضات المتباينة. وهنا لا بدّ من التعقل والتمهل في كل الخطى. وفي العموم وفي نهاية المطاف لابد من الصبر مع المزيد من الأمل والتفاؤل؛ حتى تعود أنفاسنا إلي سكينتها الأولى، ونسعى بنفوسنا إلي مبعث الاستقرار لنعانقه، ولتصبح ظروفنا في أحسن حال، وليسري صوتنا في الآفاق الحالمة ليعود لنا بأعذب الصدى؛ لنريح عناء بعض حواسنا، ومع كل هذا علنا نطفو فوق أحزاننا العميقة.