المقالات

الترويج للشذوذ: وقفة تربوية

طالعتنا وسائل الإعلام العالمية مؤخرًا بنية اليسار الغربي تحطيم رابطة مهمة ومقدسة هي رابطة الأسرة. لقد بدأت تلك الآلة الإعلامية في الترويج لنية ديزني. ليس المسلمون وحدهم من ينتقدون الشذوذ الجنسي كما يعتقد أو يريد البعض أن يروِّج، فبعد الإعلامي والناقد السياسي الأمريكي الشهير بيل ماهر، أطلقت المذيعة الأمريكية المخضرمة “ميجان كيلي” صرخة تحذير من الشذوذ الجنسي، مُتهمة شركة الأفلام الأمريكية الشهيرة “ديزني” بأنَّها تسعى لتعليم الأطفال الشذوذ والمثلية الجنسية من خلال طرح ألعاب وأفلام تدعم المثلية التي لا أوافق مطلقًا على أنها مثلية. بل هي تخطيط لتعزيز الرذيلة والشواذ في المجتمعات العالمية. “فقد أكدت: كيري بورك” رئيسة ديزني، وهي تقول: “أنا أم لطفلين مثليين… وأحد مسؤولينا التنفيذيين قال لي: إنه لدينا في ديزني عدد قليل من الأبطال المثليين في أفلامنا، فقلت له: هذا لا يعقل، ثم أدركت أن ذلك صحيح بالفعل”.
وأضافت رئيسة والت ديزني، حسب الفيديو الذي بثَّته وسائل الإعلام الأمريكية، أنَّ هناك نيةً في الشركة لتحويل وإنتاج نحو 50% من الشخصيات الكارتونية التي تظهر في أفلام ومسلسلات الكارتون الخاصة بـ”ديزني” إلى شخصيات شاذّة جنسياً قبل نهاية العام الحالي 2022، في محاولة لدعم مجتمع الشواذ.
كل هذا الترويج الأمريكي -تحديدًا- للشذود وتغيير تركيبة الأسرة لا يلقى رواجًا في معظم الدول المحافظة ليست فقط الدول الإسلامية والعربية، وهذه الأخيرة بادرت بمقاطعة الشركات التي خصصت جزءًا من دخلها لشهر يونيو لدعم الشواذ في العالم. ومما يثلج الصدر خروج مبادرة عربية مصرية “فطرة” لوقف الاعتداء السافر على الفطرة البشرية. وهي خطوة تنفيذية كانت ردة فعل على الدعم المادي والمعنوي الذي أعلنته بشكل سافر شركات كبرى عالمية لقضية الشذوذ. حيث أكد رئيس وزراء هنقاريا أن الأم امرأة والأب رجل. وطلب بشكل واضح ترك الأطفال وشأنهم، في نداء إلى من يروجون للمثلية وذلك لحماية الأطفال من الأيديولوجية الجنسية التي تستهدفهم وعلى خلفية التعديلات الدستورية التي أقرتها بودابست لحماية الأسرة وضمان حق الطفل في الأم والأب وحماية مؤسسة الزواج بين امرأة ورجل فحسب. كما قالت عالمة ألمانية حاصلة على جائزة “نوبل” وهي تردّ على مساعٍ تشرع تغيير الجنس: “هناك جنسان فقط ذكر وأنثى”. تلك المقدمة تشير إلى أن دول العالم لا تقف جميعًا موقفًا واحدًا من الدعوة للشذوذ ودعم الشاذين.
ومن المهم الإشارة إلى أن حكومة المملكة العربية السعودية تعلم حقيقة الدعوة إلى الشذوذ، وعبَّرت عن موقفها الواضح إزاء هذه القضية في أكثر من مناسبة وعلى لسان أكثر من مسؤول، ومنها كلمة معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير أمام القمة العالمية الألفية للتنمية المستدامة عام 2015 والتي قال فيها: «إن الإشارة إلى الجنس تعني بدقة «ذكر أو أنثى»، والإشارة إلى العائلة تعني الأسرة التي تقوم على الزواج بين الرجل والمرأة، وفي حال خروج هذه المصطلحات عن مقاصدها، فإن بلادي تؤكد حقها السيادي الكامل في التحفظ على تنفيذ أي توصيات تتعارض مع مبادئ ديننا الإسلامي وتشريعاتنا». كما أكد السفير عبد الله المعلمي من على منبر الأمم المتحدة، رفض المملكة لمنهج بعض الدول التي تتبع سياسة غير ديموقراطية تهدف لفرض المفاهيم والقيم المختلف عليها دولياً، وتحاول أن تفرض على الآخرين التزامات خاصة بالميول والهوية الجنسية.
ويبقى من المهم للغاية اثارة التساؤل: ماهو دورنا الان كأسر ومربين ونحن نواجه طوفانًا قيميًا جديدًا لمواجهة شرعنة الحرية للشذوذ والتحول الجنسي ذلك الذي يتحفظ الكثيرون على اعتباره مثلية؟
الدور الأول الذي يجب أن يقوم به الآباء والأمهات والمربون هو شرح موقف ديننا الإسلامي الحنيف فيما يتعلق بالشذوذ منطلقين من كتاب الله عز وجل والذي وضح فيه الموقف بالتحديد من قوم لوط. على هذا النحو من الوضوح: “وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ ۗ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ”،[٢] وأيضًا قوله تعالى “وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ”،[٤] فجاءت دعوة نبي الله لوط -عليه السَّلام- لهم ليوحدّوا الله تعالى ولا يشركوا معه أحداً، وليتركوا ما هم عليه من الفاحشة والأفعال المستقبحة، لكنَّهم تمادوا في فجورهم ولم يستجيبوا لدعوة لوط -عليه السَّلام- ولم يتركوا ما هم عليه من الشُّذوذ والقبح، فأنزل الله تعالى عليهم عقوبةً منه. إن شرح هذا الموقف الديني الإسلامي الواضح من الشذوذ واعتباره فاحشة كبيرة جدًا تستوجب عقوبة الله عز وجل المباشرة هو أمر في غاية الأهمية كما أنه مسؤولية كبيرة أمام أولياء الأمور والمربين.
ثم يأتي الجانب الآخر من الواجب المنوط بنا كمربين وكمجتمع متحضر وهو إيضاح العواقب الصحية الناتجة عن ممارسة هذه الرذيلة. ويأتي فيروس نقص المناعة البشري HIV في مقدمة هذه الأمراض والزهري الذي ينتج عن عدوى بكتيرية يمكن أن تتسبب في حدوث ضرر للقلب والجهاز العصبي في حالة عدم علاجها بشكل جيد وكذلك مرض التهاب الكبد عدا عن الأمراض النفسية التي يسببها هذا الجرم الشنيع. كما ظهر مؤخرًا مرض جدري القرود وهو مرض ناتج أيضًا عن ممارسة الشذوذ. وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة ملحوظة من الإصابات المكتشفة مؤخرًا في المملكة المتحدة، وأوروبا، وقعت بين صفوف المثليين.
لذا وجب علينا الوقوف بصرامة في وجه هذا الاعتداء الغاشم على الفطرة البشرية وعلى من يروجون لها كحق في كل مجتمع، ويحاولون بشتى الطرق فرضها على أبنائنا بلا اعتبار لهدم القيم المجتمعية. إن علينا التصدي لهذه الأفكار من خلال إذاعة المفاهيم الإسلامية والأخطار الصحية الناتجة عن تلك الممارسات التي تتصادم مع الفطرة السوية. صحيح أن التحدي كبير جدًا لا سيما في ظل هذا الانفتاح المعلوماتي والاجتماعي، ولكننا قادرون على ذلك. ولا بد من وقفات حازمة في كل من البيت والمدرسة لمنع فرضها في بيئتنا ومجتمعاتنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى