دردشتنا معكم خواطرنا مع كتاب “إبعاد شبح الخوف عن بيئة العمل”، ونصل اليوم إلى مقترح جدًا للأمان الوظيفي، وهي غرس قيمة التعاون، والاهتمام بها والإكثار منها وإظهارها في السلوك التفاعلي اليومي الوظيفي بين الموظفين والمسؤولين، يتعاونون معًا في جميع الأوقات في الحلوة والمرة ويد واحدة وقلب واحد صادق في خدمة وظيفتهم .
مواقف التعاون التي يراها حتى الزائر للمؤسسة يستبشر خيرًا فيها، وتتسلل له السعادة قبل أن تبدأ معاملته من حسن مشاهد التعاون التى رآها أمامه، وما هي لحظات وتحقق تفاؤلاته، وأنجزت معاملته وهو في قمة السعادة، ويبصم بالامتياز لتلك المؤسسة لما شعر به وشاهده بأم عينيه وشاركهم في الثناء على تعاونهم وشكرهم؛ لتستمر هذه القيمة متلألئة في سجل وسمعة المؤسسة .
شفنا كيف الزائر فرحان وايد وكلش مستأنس فما بالكم بالموظفين وأنا أشهد لكم أنها بيئة إيجابية وسعيدة ويرتاح الموظف فيها وهي بيته الثاني ويعشق شغله، ويعطي أكثر وأكثر بحب وصدق وأمان؛ لأن الراحة وصلته بتعاون الموظفين معه وقلوبهم على بعض من أعلى درجة وظيفية إلى أدناها ونتج عن هذا التعاون ذاك الأمان .
ويا للأسف عندما تصادف العكس في مؤسسة أخرى ترى بقايا تعاون، ويقال لك رحم الله تلك القيمة هنا، وهنا كل واحد نفسي نفسي فقط أنا وليس أي أنا بل الأنا المتضخم، أنا وما عليّ من الباقي أنا ولا أرى أمامي إلا أنا، أنا غايتي تبرر وسيلتي، أنا مصلحتي يمنع الاقتراب منه ولمسها، وهي مقدمة على غيرها .
مؤسسة ترى فيها نوعًا آخر من عدم التعاون، وهي فئة الشللية أنا وأنت فقط وما علينا من الباقي أنا وأنت بس أنا وأنت نخدم بعض وأنسى غيرك أنا وأنت نحمي بعض، ونساعد بعض خير شر المهم يد وحدة متماسكين ومتكاتفين لين آخر يوم في الوظيفية.
ونوع آخر بس مو ثنائيات بل قول سداسيات خماسيات رباعيات وشغل جروبات، وهم أصحاب نحن المتضخم ونحن وبس، ونحن الصح ونحن نشتغل ونحن نفهم، ونحن نحضر ونحن نتكلم ونحن نأمر، وننهي ومليون مرة يرددون كلمة نحن بأقوالهم وشر أعمالهم وسوء أفكارهم وسواد مخططاتهم وبشاعة مؤامراتهم .
وإذا قررت الاقتراب منهم تصلك رسالة عاجلة جدًا وفورية وسرية وشخصية شفاهة، وإشارة فحواها خلنا نفكر يمكن نقبل يمكن لا وإذا وافقنا تكون معانا فنقول لك حياك وبتحصل اللي بنحصله، وأبشر بالسعد بس بشروطنا وطريقتنا وشغلنا وترتيبنا ويا ويلك لا تعارضنا ولا تهاوشنا ولا تشاكسنا وإلا بننشر غسيلك الأسود أو بجيك شيء ما يسرك وأعذر من أعذر .
هذه الفئة الأخيرة هي الأكثر تواجدها من غيرها في بعض بيئات العمل وبإذن الله إلى الانقراض هذه الفئة الشاذة في سلوكها، هذه الفئة مريضة بحق لأنها لم تكتفِ بأخذ الحقوق وخطف الامتيازات وحصد الجوائز والمكافآت بل تحارب غيرها ولا تسمح لغيرها بالتميز أو التدرج الوظيفي أو حتى بالظهور في المؤسسة مجرد أن يشرق شعاع شمس تميزه تأتي سحب سوداء ركامية تحجب الشعاع وتمطره بوابل من التشويهات والتطفيشات والتهديهات، وقد تصل إلى التفنيشات.
هذه الفئة خطيرة لأنها عادة تكون قوية تنخر في بنية المؤسسة وتضرب أساسها وتضعف مكوناتها ومحتواها ويهتز أداؤها حتى لو جمّلت الأرقام، وأظهرت المؤشرات عظم نتائجها إلا أن الواقع الداخلي مرير والأمور ماشية على البركة ويارب ما يستمر هذا الحال وتتبدل الأحوال من هذا الحال إلى أحسن حال وعند الله ما في محال، والفال موجود حتى وإن طال الزمن ولا يصح في النهاية إلا الصحيح.