قد يكون العنوان صادمًا ومفاجئًا، ولكنه وارد ومتوقع حسب الكثير من المعطيات والمتغيرات.
من أبرز عوامل ضعف روسيا هو الاقتصاد الذي يعتمد بشكل مباشر على مصادر الطاقة (النفط والغاز)، والتي هي أصلًا أسعارها غير مستقرة وأسواقها غير ثابتة؛ حيث إن روسيا على وشك خسارة زبائنها الأوروبيين مع توفر البديل لمصادر الطاقة الروسية.
وإذا تكلمنا بلغة الأرقام نجد أن الناتج القومي الروسي ١/٧ ترليون دولار أي أقل من الناتج القومي الإيطالي بـ٢٥ مرة، وأقل من الناتج القومي الكندي بـ٢٠ في حين الناتج القومي الأمريكي هو ٢٢ ترليون دولار، والناتج القومي الصيني هو ١٤ ترليون دولار من أبرز مقومات قوة الدولة هو الناتج القومي، وهنا نجد الفارق كبيرًا بين روسيا ونظرائها من الدول الأخرى المنافسة لها ضعف الناتج القومي الروسي ينعكس على حجم الإنفاق العسكري، وحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (llss).
إن حجم الإنفاق العسكري الروسي هو ٥٠ مليار في حين حجم الإنفاق العسكري الأمريكي هو ٥٩٥ مليار دولار، والصيني ٢١٠ مليار دولار، والسعودي ٨٧ مليار، وهي الدول التي تحتل المراكز الثلاثة الأولى في العالم في حجم الإنفاق العسكري أما فيما يتعلق بالانتشار العسكري حول العالم؛ فالولايات المتحدة الأمريكية لديها ٧٥٠ قاعدة عسكرية في العالم، وتملك في ألمانيا وحدها ٨٧ قاعدة.
وعدد من هذه القواعد العسكرية الأمريكية هي على تخوم روسيا في آسيا الوسطى في حين لا تملك روسيا سوى ٢٠ قاعدة عسكرية حول العالم.
إن حجم الناتج القومي الروسي يجعلها في المرتبة الحادية عشرة عالميًا، وتأتي بعد دول أوروبية مثل: هولندا وبلجيكا.
تُمثل مصادر الطاقة الروسية ٦٠٪ من الناتج القومي الروسي، وهذا من أبرز عوامل الضعف في الاقتصاد الروسي؛ حيث إن أسعار الطاقة غير مستقرة وإمداداتها غير آمنة؛ لأنها تمر في دول غير مستقرة أمنيًا.
إن الحرب بالوكالة التي تتعرَّض لها روسيا وتورطها في حرب مع أوكرانيا يثقل كاهل الاقتصاد الروسي؛ حيث إن كلفة هذه الحرب كبيرة على روسيا حجم الإنفاق المالي على هذه الحرب يصل إلى ١٨/4 من حجم الناتج القومي الروسي يضاف إلى ذلك عدم قدرتها على حسم هذه الحرب لصالحها بل كانت النتائج عكسية؛ حيث كان انسحاب الجيش الأحمر من خيرسون نكسة كبيرة لها.
كل هذه الأعباء تلقى بثقلها على الداخل الروسي، وتسرع في خسارة أو انهيار روسيا، وتراجع دورها العالمي أن روسيا لا تُقاتل أوكرانيا وحدها بل تحارب الغرب بأجمعه، وأن سيناريو انهيار الاتحاد السوفيتي السابق يتكرر مع روسيا مع اختلاف الآليات والوسائل في ظل هذا الوضع قد يظهر غورباتشوف آخر يأخذ على عاتقه تفكيك روسيا ويحولها إلى دويلات متناحرة، وهذا هدف أمريكي استراتيجي بالاشتراك مع الحلفاء الأوروبيين.
وهنا نرجع إلى السؤال.. ماذا سيحدث إن انهارت روسيا؟
أولى النتائج سينهار كل حلفاء روسيا كما انهار حلفاء الاتحاد السوفيتي السابق في أوروبا الشرقية وغيرها، وسوف تبرز الصين كقطب عالمي منافس للولايات المتحدة الأميركية، وهنا تبدأ أمريكا استخدام تايوان كمخلب قط ضد الصين من أجل احتوائها أو ترويضها أو توريطها في حرب ضد تايوان، وتبدأ حرب جديدة في بحر الصين الجنوبي شبيهة بالحرب الروسية الأوكرانية، كل هذه الصراعات والحروب وراؤها هدف واحد هو بقاء أمريكا على عرش الزعامة العالمية بدون منافس وأن يكون القرن القادم قرنًا أمريكيًا أيضًا وبلا منافس.