قال صاحبي: ترهل النظام الإيراني كثيرًا، وأصبح متخبطًا في قراراته، مجنونًا في تصرفاته، ما الذي ينتظر الشعب الإيراني، وما مصير الثورة، وأي مستقبل تنتظره إيران والمنطقة؟
شاخ النظام الإيراني باكرًا وهو في منتصف العمر، وهذا عائد لإنهاك جسد الثورة بإيديولوجيا لا تتناسب والعصر الذي وجدت فيه، وتبعاتها التي تمثَّلت في تصدير الطائفية، وزرع الخلايا الإرهابية في دول الجوار، والتدخل في شؤونها الداخلية، والتمرد على النظام العالمي في محاولة لفرض نفسها على النادي النووي، الذي يعد التفكير في الاقتراب منه خطًا أحمر، بالإضافة للالتفاف على العقوبات السياسية والاقتصادية، وممارسة الفُحش السياسي بأقبح صوره، وانتهى بها المطاف للتمدد في أربع عواصم عربية!
لم يستطع هذا الجسد المنهك تحمل الأعمال الشاقة، الخارجة عن المألوف في العلاقات الدولية، لذا كان من الطبيعي فشله في ضخ الدم والأكسجين اللازم للبقاء على قيد الاحترام، وعلى أداء وظائفه كما يجب، وزاد في ترهله هلاك بعض رموزه كخميني وسليماني، ولم يكن هناك من يخلفهما بنفس مواصفاتهما، فانتشر في هذا الجسد الصراع بين مختلف أعضائه، وتقاطعت المصالح، وطفت الخلافات إلى السطح، وبرزت معها لعبة الكراسي، وتحولت الثورة إلى غول تأكل أبنائها، رفسنجاني الذي كان ينظر إليه بأنه الرجل الثاني في هذا التنظيم، صُفي بطريقة لا تجيدها سوى أجهزة خاصة حتى يبدو الحادث طبيعيًا، قالت عنه ابنته فائزة :”أبي اغتيل على يد رفاق الأمس ولم يمت”.
بدأت تتوالى عمليات انهيار النظام من مظاهرات 2019، ثم اختراق الأماكن الحصينة من قبل الموساد والاستيلاء على كميات كبيرة ومهمة وخطيرة عن السلاح النووي الإيراني، الذي كان يراه النظام العصا الغليظة التي ستحقق له مآرب عدة، ولم يتوقف وهن الجسد الإيراني، إذ استمرت حوادث الحرائق غير الطبيعية وفي أماكن حساسة من جسد النظام، سبقها اغتيال أربعة علماء قائمين على برنامج إيران النووي بين أعوام 2010-2012 ثم تبعهم اغتيال محسن فخري زاده في 2020، والذي قد لا يكون آخرهم في مسلسل نزع أنياب سلاح الملالي التدميري.
العقلية الحاكمة في طهران؛ لم تقرأ المشهد السياسي، وتحولاته كما يجب، نتيجة تفرد رجال الكهنوت بالقرار السياسي، وعدم ثقتهم ببعضهم، فتعددت أجهزة الاستخبارات وتضارب مصالحها، وضعفها، وطغيان المصالح الشخصية على الوطنية، وتميزهم في صناعة الأزمات، دون الوقاية منها، كملاحقة المعارضة في الخارج وتصفيتها.
هذا التناحر تسبب في أمرين كارثيين، أحدهما غياب رصد حركة الداخل، الذي كان ينتظر الفرصة المناسبة لينتفض في وجه النظام، وقد تحقق له ما أراد بعد قتل المواطنة مهسا أميني، وما تبع هذه الحادثة داخليًا من مظاهرات تضاعفت نتائجها وتأثيراتها السلبية على الشعب والنظام معًا، حتى وصلت للرياضة التي تعشقها الشعوب الإيرانية، وتم الزج بها في أتون السياسة، وخارجيًا، بدأت بعض الدول والمنظمات الخاصة بحقوق المرأة بالعمل على تدويل هذه القضية وتحويلها لعنف موجهة ضد المرأة بحماية النظام.
لحق بهذه الحادثة إعدام ملالي طهران لنائب وزير الدفاع الإيراني الأسبق على رضا أكبري، الذي أدين بتهمة التجسس لصالح بريطانيا، وهذه تقود للحديث عن الأمر الآخر، وهو فشل النظام الأمني الإيراني بشكل عام في حماية نفسه من الاختراق، مما تسبب في الوصول لمعلومات غاية في السرية، كتلك التي حصلت عليها أجهزة الاستخبارات السعودية والأمريكية، بقيام طهران بتجهيز ضربات على مواقع سعودية أو خليجية، وغيرها من المعلومات التي شكل تسريبها ضربات موجعة في جسد النظام.
قلت لصاحبي:
الدولة التي تقوم على ثورة، ولا تتحرر من قيودها لتمارس حياتها وفق قوانين العلاقات الدولية.. غير جديرة بالبقاء.