ارتبط ملوك الدولة السعودية في أطوارها الثلاثة بهذا العلم الذي انضوى تحت رايته الخضراء الخفاقة التي ميزته عمن سواه كلمة التوحيد للشعب السعودي بكافة فئاته وأطواره على مدى ثلاثة قرون، ليظل محافظًا على هذه الصورة تلك الفترة الزمنية الطويلة، وليكون مثالًا نادرًا للعلم الذي لا يتغير من حيث الشكل والمضمون عبر الزمن واضعًا بذلك حقيقة راسخة بأن العلم رمز خالد لهذا الكيان الشامخ وسر من أسرار ثباته واستمراره واستقلاله ووحدته الوطنية، ويحمل العلم السعودي العديد من الرموز التي تعبر عن عبقرية المصمم الأول، فهذا العلم حاربت تحت ظله في معارك الوحدة وجمع الشتات جيوش الإمام محمد بن سعود، والإمام تركي بن عبد الله، والملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بلونه الأخضر وكلمة التوحيد، والسيف الذي يوجد أسفلها. فاللون الأخضر في العلم يرمز إلى رسالة الإسلام والسلام، والنماء والرخاء، والعطاء والتسامح الذي ظلت تتسم بها المملكة منذ تأسيسها، وشهادة التوحيد شهادة ترمز إلى القيمة المحورية للمملكة العربية السعودية وما قامت عليه منذ تأسيسها، ويشير السيف في العَلم إلى إظهار القوة والعدل، ووجوده أسفل الشهادة وبموازاتها يدل على الحكمة والمكانة اللتين تعتبران من أهم سمات هذا الكيان.
وإصدار الأمر السامي مؤخرًا من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتخصيص يوم (11 مارس) من كل عام يومًا خاصًا بالعَلم باسم (يوم العلم)، استنادًا إلى إقرار القائد الموحد جلالة المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز – يرحمه الله- يوم 27 ذي الحجة 1355هـ الموافق 11 مارس 1937م، العلم بشكله الذي نراه اليوم، هذا الأمر الكريم يعتبر خطوة مهمة جاءت في وقتها، فالمملكة التي تتفرد بوحدتها الوطنية واستقرارها ونموها المتسارع ورخائها والعقد الفريد الذي يجمع القيادة والشعب في إطار من المحبة والتعاضد، كل تلك المقومات تستدعي ترسيخ الأسس التي ميَّزت المملكة ككيان شامخ صامد أمام العقبات والتحديات، تلك الأسس التي يعتبر العلم ورموزه ومعانيه من أهمها على الإطلاق.
وأهم سمة بارزة في العلم السعودي، والتي تميزه عن غيره من أعلام الدول – إضافة إلى كونه يلف به جسد شهيد الوطن والواجب، وباعتباره ممثل الدولة في المحافل الدولية، والذي يرفع في مقدمة الجيوش، وفي كافة المؤسسات الحكومية، وفوق المقرات الدبلوماسية عبر العالم – أنه لا ينكس، فهو دائمًا يعلو الرؤوس والجباه، ويرفرف عاليًا فوق هام السحاب.
واللافت أن النشيد الوطني – الرمز الآخر للهوية الوطنية وقيم الولاء والانتماء للمواطن السعودي، إلى جانب العلم- يتضمن في مفرداته (العلم)، وهو ما يؤكد على الارتباط الوثيق بين العلم والنشيد الوطني في بلادنا الغالية، وبما يعتبر ميزة إضافية في التفرد الذي يعد الملمح الأساس في التجربة السعودية التي تعتبر من أنجح وأهم تجارب الوحدة على المستوى العالمي؛ حيث تضمنت في مفهومها ومعناها الوطني: وحدة الأرض والإنسان والرؤية والمصير. وهو ما نلمسه في مفردات النشيد الوطني:
وَارْفَعِ الخَفَّاقَ أَخْضَرْ
يَحْمِلُ النُّورَ الْمُسَطَّرْ
رَدّدِي الله أكْبَر
يَا مَوْطِنِي
مَوْطِنِي عِشْتَ فَخْرَ الْمسلِمِين
عَاشَ الْمَلِكْ: لِلْعَلَمْ وَالْوَطَنْ
هذه الخطوة المباركة، وما سبقها من القرار السامي بالاحتفال بيوم التأسيس “يوم بدينا”، يعكسان ما يتمتع به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من رؤية ثاقبة وحس وشعور وطني نابع من معرفته الوطيدة بتاريخ المملكة بكل ما يحفل به من عظمة تستحق الإشادة والفخر والاعتزاز.
0