المقالات

المرأة السعودية: شراكة فاعلة في صنع مستقبل الأجيال

‎‎كانت البداية عام 1908، عندما خرجت 15 ألف امرأة في مسيرة احتجاجية بشوارع مدينة نيويورك الأمريكية، للمطالبة بتقليل ساعات العمل وتحسين الأجور والحصول على حق التصويت في الانتخابات، وفي العام التالي، أعلن عن أول يوم وطني للمرأة. واحتفل بهذا اليوم لأول مرة عام 1911، في كل من النمسا والدنمارك وألمانيا وسويسرا.
‎وجاء الاحتفال بهذه المناسبة على المستوى العالمي إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس عام 1945 وأصبح الأمر رسمياً عام 1975 عندما بدأت الأمم المتحدة بالاحتفال بهذا اليوم واختيار موضوع مختلف له لكل عام؛ وكان أول موضوع للاحتفال تبنته المنظمة الدولية عام 1996 يدور حول “الاحتفاء بالماضي والتخطيط للمستقبل”. ولم يلبث أصبح هذا اليوم موعداً للاحتفال بإنجازات المرأة في المجتمع في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإبراز دورها الفعال في شتى مجالات الحياة، وأيضًا فرصة لتكريم المرأة وتعزيز حقوقها.

‎وتقرر هذا العام أن يكون الموضوع الرئيسي للاحتفال بيوم المرأة العالمي هو “إشراك الجميع رقميًا: الابتكار والتقنية لتحقيق المساواة بين الجنسين”، حيث لوحظ أنه على الرغم من أن النساء يشكلن 50% من سكان العالم، إلا أن 37% منهن لا يستخدمن الانترنت، وهو ما يعني العجز عن الحصول على خدمات الانترنت، وبالتالي العجز عن تطوير المهارات الرقمية اللازمة للمشاركة في المساحات الرقمية مما يقلل من فرصهن في الحصول على الوظائف في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. ويتطلب تطبيق وتفعيل هذا الشعار حث الفتيات اللواتي يناصرن النهوض بالتقنية التحويلية والتعليم الرقمي والاحتفاء بهن.

‎وفي الحقيقة، فإن ديننا الإسلامي الحنيف بتعاليمه السامية وقيمه العظيمة ومبادئه الراسخة التي تتخذها المملكة واجهة لها، سبق كل هذه التحركات وكافة الشرائع في تكريم المرأة والاعتراف بدورها ومكانتها وحقوقها وأهميتها في المجتمع، وأوصى بها خيراً؛ فقال الرسول عليه الصلاة والسلام في خطبة الوداع: (استَوصوا بالنِّساءِ خيرًا فإنَّهنَّ عندَكُم عَوانٍ)، وحذَّر من التقصير في حقّها. وضمن الإسلام للمرأة العديد من الحقوق، مثل حق الحياة، وحق التربية والتعليم، وحق العدل، وكفل لها حقوقها المالية. وأوجب الله عز وجلّ على المرأة ما على الرجل فيما يخص الحلال والحرام. وكرّم الإسلام المرأة كزوجةٍ من خلال تحريم العلاقة معها إلا بالزواج. ومنح الله المرأة صفة الأمومة التي تسند إليها أعظم مهمّةً على وجه الأرض؛ فهي مربّية الأطفال، وصانعة الأجيال.

‎ولنا أن نتوقف قليلاً أمام حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم الصحيح: “إنما النِّساءُ شقائقُ الرِّجالِ”، ففي تفسيره لهذا الحديث قال الشيخ العلامة ابن باز – يرحمه الله- أنهن مثيلات الرجال فيما شرع الله، وفيما منح الله لهن من النعم، إلا ما استثناه الشارع فيما يتعلق بطبيعة المرأة، وطبيعة الرجل، وفي الشؤون الأخرى خص الشارع المرأة بشيء، والرجل بشيء، والأصل أنهما سواء إلا فيما استثناه الشارع.

‎وفي اليوم الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للمرأة، تعيش المرأة السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مرحلة تمكين غير مسبوقة، وتحقق مكاسب وإنجازات عظيمة، عندما سمح لها  بقيادة المركبة، وتبعها إقرار قانون التحرش الذي يؤكد حرص ومتابعة القيادة على المحافظة عليها كقيمة معيارية إنسانية، وقرار ممارسة الرياضة للفتيات بالمدارس والسماح للأسر بدخول مباريات كرة القدم، وكذلك السماح للسعوديات بالمشاركة في الألعاب الأولمبية، ومنح تراخيص قيادة الطائرات للمرة الأولى في تاريخ المملكة.

‎ووفقًا لتقرير البنك الدولي “المرأة، أنشطة الأعمال،
‎والقانون 2022″والذي غطى اقتصاد 190 دولة، حصلت المملكة  العربية السعودية في مجموع مؤشرات التقرير على 80 نقطة، بزيادة 10 نقاط عن العام 2020، وتقدمت المملكة في 8 مؤشرات، حيث جاءت من بين قائمة الدول التي اتخذت إجراءات إيجابية بشأن تعزيز تمكين المرأة وتحفيز مشاركتها في كافة مناحي الحياة والقضاء على الممارسات التي تحول دون الحصول على حقوقها، وحصلت على 100 درجة كاملة في ملف ريادة الأعمال والمعاش التقاعدي وإمكانية التنقل ومكان العمل والأجور، حيث أصبحت المرأة في ظل رؤية السعودية 2030 مُمَكنة أسريًّا ومجتمعيًّا ومهنيًّا.

‎ويتواصل سعي المملكة لتحقيق المزيد في طموح لا يتوقف ضمن رؤية 2030 التي تستهدف رفع نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل، إضافةً إلى تبوئها مناصب سياسية، فضلًا عن مشاركتها الفعالة في مجلس الشورى والمجال الأمني، وتوليها المناصب العليا في قطاع التعليم، وترشيح نفسها لعضوية رئاسة البلدية، وهنا نجد أن تمكين المرأة السعودية ودعم قدراتها بالتأهيل وإتاحة الفرص جعلها شريكًا حقيقيًا فاعلًا في بناء الوطن والتنمية.
‎لا شك أن هذه المناسبة العالمية توفر الفرصة للمرأة السعودية للاحتفال بالمكاسب التاريخية التي تحققت لها منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مقاليد الحكم عام  2015، وهي مكاسب فاقت التوقعات، وتجاوزت الممكنات حيث تم منح تلك المكاسب بموجب أوامر ملكية، و رافقها صدور تشريعات توفر للمرأة البيئة الآمنة للعمل وتحقق لها المساواة مع الرجل، الأمر الذي أسهم في تضاعف نسبة مشاركتها في سوق العمل من 17% إلى 31%، وهو ما أتاح لها لعب دور مهم في التنمية، تحقيقا لأهداف رؤية 2030 التي تنص على تمكين المرأة عبر الشراكة مع الرجل في حمل المسؤولية في البناء والتنمية مناصفة لتحقيق أهداف وطموحات الوطن ومستقبل أبنائه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى