روى مسلم عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها الشهادة، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق”، صدق رسول الله -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-. إن إماطة الأذى عن الطريق سُنة مستحبة لا واجبة من حيث الأصل، ولكن قد تصبح واجبة في بعض الأحيان، فالمراد بإماطة الأذى عن الطريق هو إزالة ما يعيق ويؤذي المارة وهم سائرون في طريقهم من معوقات، ومن المعوقات ما يرتقي إزاحتها لدرجة الوجوب كالبئر أو الشجر التي في وسط الطريق التي يُخْشَى أن يصطدم بها أو يسقط فيها الأعمى أو الطفل والدابة، فإنه يجب إزالتها وطمسها، أو حتى التحوط عليها وإن لم يضر ذلك بالمارة. دعاني للكتابة منظر مزعج وغير حضاري للشوارع القريبة من بيوت الله أثناء أداء صلاة الجمعة وهي مكدسة لدرجة الإغلاق بالمركبات، من نتيجته عدم قدرة الشخص الواحد من الوصول للمسجد لسماع الخطبة وأداء الصلاة، والغريب استمرار وقوف المركبات في الشارع حتى بعد انتهاء الصلاة؛ بحجة أداء صلاة السنة والدعاء. فتخيَّل كيف هو الحال لو كانت هناك عربة إسعاف بها مريض يحتاج نقله سريعًا للمستشفى لتلقي العلاج، أو سيارة شرطة في طريقها لنجدة ملهوف. لا يزال في الذاكرة قبل أشهر وأنا في زيارة لمكتب الدكتور فايد محمد سعيد مستشار الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية والفتوى وإمام وخطيب الجمعة في المركز الإسلامي بلندن الواقع بالقرب من حديقة ريجنت بارك، حين تحدث فضيلته عن تصرفات بعض المسلمين في لندن وغيرها من المدن الأوروبية غير الجيدة، والتي منها وضع مركباتهم في أماكن غير مخصصة للوقوف أمام المساكن وفي الطرقات القريبة من الجوامع والمصليات بحجة أداء صلاة الجمعة، وكيف سبب ذلك التصرف حرجًا للهيئة وأدى إلى محاولة غلق الكثير من الجوامع في أوروبا من قبل شرطة المدينة، وذكر فضيلته؛ إن الرجل الغربي غير المسلم لا يعنيه بما هو موجود في القرآن الكريم من مثل وقيم حضارية تحث المسلم على الأخذ بها واتباعها، إنما ما يهمه هو أن يشاهد هذه المثل الحضارية والتصرفات الحسنة، وهى تطبق عمليًا من المسلمين، وأن ذلك- والكلام لا يزال للإمام محمد فايد – نقل صورة نمطية مشوهة وغير جيدة عن أتباع هذا الدين العظيم الذي يحث على إماطة الأذى عن الطريق، واعتباره صدقة وقُربة.
0