كاف: تلك القرية الصغيرة التي هجرها أهلها منذ الثمانينيات الهجرية؛ نظرًا لظروف المعيشة وكاف بفتح الكاف وبلهجة أهلها تنطق تساف تقع بين دائرتي عرض 28-31 درجة وخطي طول 30-37 درجة مناخها صحراوي جاف حار صيفًا شديد البرودة شتاءً، وتسقط عليها أمطار شتوية لكنها نادرة وقليلة تبعًا للرياح الشمالية
نقل أهل القرية إلى النبك – بالقريات
لم تكن مدينة القريات قد نشأت فكانت هي القاعدة الأساسية لهذه المدينة حتى عام 1357هـ تبعد عن القريات 18كم، كانت محطة للقوافل التجارية المارة والحج لم يبقَ من هذه القرية إلا بعض المعالم التاريخية الجميلة التي تبعث التراث الذي يحتاج إلى عناية وترميم من دائرة الآثار؛ لتضفي على المنطقة إشراقة الأصالة والارتباط بالجذور لارتباط الماضي بالحاضر بالنظر إلى البيوتات الصغيرة المبنية بالطين وحجارة البازلت.
الحياة السياسية في كاف: كانت كاف كأب منطقة أخرى تتبع إداريًا للدولة الحاكمة فقد خضعت للدول الإسلامية بالتوالي حتى جاءت الدولة العثمانية وسيطرت على مناطق الجزيرة عندما أرسل الشريف بركات مفاتيح الحرم للسلطان سليم العثماني، وكانت هذه آخر بقعة دانت للعثمانيين، وبقي صراعهم مع اليمن مستمرًا بينما قرية كاف الصغيرة وضعت فيها حامية تركية لتحرس طرق الحج والتجارة، وبقيت هذه الحامية حتى جاء ابن شعلان وحكم منطقة الجوف بداية بتكليف من الدولة العثمانية ثم استقل عنها مدة أربعة أعوام منذ عام 1264-1269هـ ثم ظهرت الدولة السعودية على الساحة الدولية وخضعت منطقة الجوف للحكم السعودي، وخضعت كاف مثلها مثل بقية المناطق عام 1340هـ وفي الثمانينيات كما سبق وذكرت هاجر أهلها وبقيت آثار قريتهم ومبانيهم الصغيرة إلى يومنا هذا.
الحياة الاقتصادية: ا- الزراعة: كاف قرية تشتهر بالنخيل الذي مازالت آثاره إلى يومنا هذا ممتلئة بأشجار النخيل لكنها هُجرت وبقيت هذه الأشجار تموت واقفة تنادي من يهتم بتلك الثروة القيَّمة، كان يعتمد أهلها على الزراعة وبالدرجة الأولى التمور، ويقومون بتخزين التمور لفصل الشتاء غير بعض المزورعات الأخرى.
التجارة: كاف قرية تشتهر بالملح حيث إن أهلها يعملون سبخات الملح ويستخرجونه ثم يقومون ببيعه، ويتاجرون به مع المناطق المجاورة والبعيدة هذا الذهب الذي نحتاجه، ولا نستغني عنه وبرز من أهلها الكثيرون الذين عملوا في هذا المضمار.
الصناعة: عرف أهلها بعض الصناعات اليدوية التي يحتاجونها في حياتهم اليومية، وهي حرفية كالنطي من أصواف الحيوانات والبدي (وهي من سعف النخل) وبعض الأدوات للقطع.
الرعي: مهنة أهل الجزيرة ككل وكذلك أهل كاف عملوا برعي الأغنام والإبل والماعز، ويستفيدون من جلودها وأصوافها وأوبارها ولحومها وأيضًا يتاجرون بها.
تربية الدواجن والطيور
الحياة الاجتماعية: عُرف عن أهل هذه القرية حب العلم؛ فقد ظهر من أبنائها متعلمين حتى النساء، وقد لاحظت أن هنا من كن يعلمن النساء القرآن، ومنهن بنات الدهام اللواتي تعلمن على أيدي أخوانهن، وظهر منهن المهتمات بالشعر والحرف اليدوية، وقد عملن بتعمير البيوت من اللبن والطين والآجر وحجارة البازلت، وقد عملن طبيبات شعبيات يعالجن أهل القرية ويعالجن الحيوانات -أكرمكم الله- وقد زار هذه المنطقة عدد من الرحالة، ومنهم من وصفها كاليدي آنت بلانت، وقد وصفت أهلها بالطيب والكرم واللطف رغم أنهم أفزوعوها في البداية وتذكر أنهم يحملون السيوف منكسة، وقد أفزعوهم حيث يشبهون أهل العصور الوسطى من محاربي الصليبيين ووصفت أيضًا مبانيها بالصغر والجمال، وذكرت أيضًا أن عدد البيوت كان 16بيتًا، وفيها أشجار النخيل والتين والكروم، وتقول: قل أن تجد مثلها في الشمال.
الأطعمة:- يعتمدون على التمور، وأهم وجباتهم المقدمة للضيوف البرغل واللحم أو الدجاج والمقشوش (خبز على الصاج).
الألبسة: كانت النساء تلبس المقطع والسفعة أو الثوب، وفي عصر الدولة السعودية لبس العباءة أما الرجال الثوب ويغطي رأسه بالشماغ والعقال كما هو الآن ويلبسون العباءة.
الأشربة يعرفون شراب التمر والعنب واللبن والقهوة العربية المعروفة، وهي من أساسيات التقديم
بيوتهم حاليًا انطمرت بعض هذه البيوت أو أجزاء منها تحت الرمال، وتحتاج إلى عناية خاصة من دائرة الآثار لاستخراجها وترميمها بنفس مواد البناء على هيكلها الحقيقي حتى لا تتغير معالمها الآثرية.
مبنية بالآجر واللبن والطين وحجارة البازلت ليس لها شبابيك وأبوابها من الخشب أو الخيش تقع هذه المباني بين جبل الصعيدي، وثلة أم الشنان متقاربة من بعضها البعض بينها أزقة ممرات صغيرة وبوصفي لها؛ كأنها خلية النحل جميلة ومنظمة ومرتبة يصلها الماء من الينابيع غير المعروف مصدر بعضها.
معالمها الأثرية:-
قلعة الصعيدي على جبل الصعيدي هذه القلعة الشبه متهدمة لعدم الاهتمام بها، وهي بجوار قصر كاف ترتفع جدرانها إلى نحو خمسة أمتار مبنية من حجارة البازلت القوية فوق قمة شمال قرية كاف بها أربعة أبراج، وفيها غرف تستخدم للسكن والمراقبة وخزانات للمياه والطريق إلى القلعة متعرج نحو 1200م من قاعدة الجبل حتى بوابة القلعة، تستطيع العربان السير عليه إلى أعلى الجبل يرجع بناؤها إلى عصر العرب الأنباط استخدمها المسلمون لحماية طريق الحج حتى بداية العهد السعودي؛ حيث انتشر الأمن والسلام ولله الحمد.
قلعة مشعان: فقد عثروا فيها على قطع أثرية وأدوات يصل إليها الماء عن طريق أسراي تحت الأرض، وبعض الماء لا يعرف منابعه.
قصر الضبع: وهذا مواكب زمنيًا لقلعة الصعيدي قديم بقدمها، وعُثر على مقبرة قديمة تعود إلى القرن السابع وهذا دليل على أن المنطقة مسكونه منذ زمن بعيد؛ فقد تحدث عنها الرحالة لويس موزل الذي زارها سنة 1909م، ووصف سكانها ومساكنها كما هي الليدي آنت، وكتب عن تاريخها السياسي والاقتصادي عبر التاريخ.
تولت الهيئة العامة للسياحة قصر كاف بعد خروج أهلها منها وعملت على ترميمه وعملت سياجًا حديديًا حوله؛ ليكون شاهدًا تاريخيًا ومعلمًا أثريًا لكن من وجهة نظري تحتاج القرية وما جاورها من قرى إلى اهتمام أكبر؛ حيث إنها ستحيي المنطقة سياحيًا واقتصاديًا لما لها من وقع كبير في النفوس، وتبعث على الراحة والاطمئنان؛ لأن البشر من طبيعتهم الميل للماضي الجميل والعريق، وهي ذات جمال خلاب يصلح أن تكون منتجعات وسياحة، وتوفر مياه العيون فيها يزيد من إطلالتها البهية، وستصبح واجهة منطقة الشمال مع القرى الصغيرة المجاورة مثل أثرى والعين، وسيقصدها الناس من كل مكان طلبًا للاطلاع والراحة، وتقبلوا تحياتي وخالص تقديري.